فاجأ السفير الروسي فيتالي تشوركين مجلس الأمن بالإعلان مساء الثلثاء عن اتفاق «ترتيبات ميدانية» لانسحاب كل المقاتلين من شرق حلب نحو إدلب، في وقت بدت الأممالمتحدة غائبة عن مراقبة الوضع الإنساني في المدينة، ومواكبة نزوح الناجين من القتال. ودعت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سامنتا باور روسيا والرئيس السوري بشار الأسد إلى «السماح بانتشار مراقبين دوليين محايدين» في حلب ل «مراقبة إجلاء السكان الراغبين بالمغادرة، خصوصاً أن السكان يتخوفون من التعرض للقتل في الشوارع أو الاختطاف على أيدي عصابات الأسد». وقالت في الجلسة إن روسيا وإيران والحكومة السورية تتحمل مسؤولية مواصلة ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري، وأنهم يعدون «لمكيدة مشابهة لما حصل في حلب لتكرارها في مناطق أخرى من سورية». ورد تشوركين على باور بسؤالها: «هل الولاياتالمتحدة هي الأم تريزا؟»، معتبراً أن الوضع في سورية وصل الى حاله الراهنة بسبب محاولة الدول الغربية «الثلاث»، أي الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا، تغيير النظام في دمشق، ودعمها الإرهاب. وأعلن أن «ترتيبات» تم التوصل إليها تقضي بخروج المقاتلين من شرق حلب نحو إدلب «خلال ساعات». وعما إذا كانت روسيا تضمن سلامة المدنيين المغادرين للمدينة، قال تشوركين: «لا، لأننا لسنا مسيطرين على الوضع» ميدانياً. وأضاف: «بعض العسكريين الروس منخرط في شكل خاص في القيام بأعمال إنسانية للتأكد من وصول القوافل الإنسانية الى وجهتها، وهم يقدمون المشورة الى العسكريين السوريين، ولكننا لا نسيطر على الوضع». واعتبر أن الوقت الآن مناسب للمبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا للعمل على إعادة إطلاق المحادثات السياسية. وقال دي ميستورا بعد الجلسة إنه طلب الحصول على قدرة الوصول إلى «المواقع الفعلية» للمعارك والأحياء التي يتعرض فيها المدنيون للقتل والخطف، «لكننا لم نحصل على ذلك». وأشار إلى أنه يريد لفريقه أن «يكون موجوداً حين يتم إخلاء المدنيين، وعند انسحاب المعارضة المسلحة»، موضحاً أنه أعد خططاً لهاتين العمليتين. ونفى أن تكون الأممالمتحدة مطلعة على كيفية تطبيق الاتفاق الذي أشار إليه تشوركين، وقال إنه «من غير الواضح لي حتى الآن ما إذا كان سيسمح للمقاتلين بالمغادرة مع أسلحتهم الخفيفة أم من دونها» مشيراً إلى أنه فهم من السفير الروسي فيتالي تشوركين أن المقاتلين «تتم مساعدتهم للخروج نحو إدلب». وأضاف أنه طلب من روسيا السماح للمدنيين الذين أرادوا المغادرة مع المقاتلين أن يسمح لهم بذلك. ودعا إلى الانتباه إلى أن «داعش» سيطر على تدمر «بينما كنا جميعاً نركز الأنظار على حلب». وأكد خشيته من تكرار سيناريو حلب في إدلب معتبراً أن ذلك «ممكن». وقدر المبعوث الدولي عدد المدنيين الذين لا يزالون داخل شرق حلب بنحو 50 ألفاً، وعدد المقاتلين بنحو 1500 «قد يشكل عناصر جبهة النصرة 30 في المئة منهم»، على رغم إشارته إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه التقديرات «لأننا غير موجودين هناك». وعما إذا كانت معركة حلب أنهت فرص العملية السياسية، قال دي ميستورا إن هذه المعركة إنما تؤكد الحاجة إلى المسار السياسي، لأن السيطرة على حلب لن تنهي الحرب «التي يمكن أن تستمر سنوات كحرب عصابات». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحدث في الجلسة نفسها محذراً من كارثة إنسانية في حلب. وقال: «لقد فشلنا جميعاً وخذلنا الشعب السوري ولم يمارس مجلس الأمن مسؤولية صون السلم والأمن الدوليين». وأضاف أن مجلس الأمن فشل فى اعتماد 3 قرارات كان يمكن أن تسمح بالتوصل إلى هدنة إنسانية وإجلاء المدنيين والسماح بوصول المساعدات. وكانت الجلسة عقدت بدعوة من فرنسا وبريطانيا اللتين دعا سفيراهما روسيا الى الضغط على الحكومة السورية لوقف استهداف المدنيين.