علمت «الحياة» أن وزارة العدل تقود حراكاً لإنشاء محكمة استئناف أخرى في مكةالمكرمة خارج حدود الحرم المكي يجري حوله العمل حالياً لتمكين أصحاب القضايا من غير المسلمين من الحضور إليها لمتابعة قضاياهم ومعاملاتهم حتى انتهائها، وهو ما لا توفره المحكمة الحالية التي تقع داخل حدود الحرم. وأوضح مصدر مطلع ل«الحياة» أن ما دعا القائمين على القضاء في السعودية إلى هذا التوجه ورود عدد من الملاحظات التي تختص ببعض المراجعين من أصحاب القضايا من غير المسلمين، وعدم استطاعتهم الوصول إلى محكمة الاستئناف الحالية التي تقع ضمن حدود الحرم الذي يمنع النظام غير المسلمين من دخوله. وفيما لم ينته المسؤولون بعد إلى تحديد موقعها الفعلي، ألمح المصدر إلى أن محكمة الاستئناف التي تسعى وزارة العدل إلى إنشائها ستكون في منطقة مكةالمكرمة خارج حدود الحرم والأقرب أن تكون في مدينة جدة. وتعتبر محاكم الاستئناف هي ثاني مراحل التقاضي بعد صدور حكم المحكمة الابتدائية (المحكمة العامة والمحكمة الجزئية والمحكمة التجارية) التي يحق لأطراف القضية التقدم لها بطلب استئناف الحكم (الاعتراض على حكم المحكمة الابتدائية) بناء على عدم قبولهم بالحكم الصادر منها. ويتم في محكمة الاستئناف فتح المرافعة في الشق المستأنف فيه ويمكن للمحكمة تأييد حكم المحكمة الابتدائية أو نقضه، ويعتبر حكم المحكمة نهائياً غير قابل للطعن سوى في حالات خاصة، ويتم الطعن في هذه الحالات أمام المحكمة العليا. من جهته، وصف المحامي والمستشار القانوني يس غزاوي فكرة إنشاء محكمة للاستئناف في محافظة جدة بالجيدة، مشيراً إلى أن وجودها سيحقق مرونة للمحامين وغيرهم من أصحاب الخبرة الذين سيحضرون، مثل المكاتب الهندسية والتجارية وغيرها في حال كان هناك محامون أو طرف أجنبي غير مسلم. وقال: «إن إنشاء محكمة الاستئناف في جدة أو خارج حدود الحرم سيمكن غير المسلمين من الحضور والمثول أمام قضاة الاستئناف والإدلاء بآرائهم وأقوالهم في القضايا المتعلقة بهم»، معتبراً وجودها حلاً أمثل للتقليل من كم القضايا، خصوصاً أن القضايا في المحافظة تفوق بقية المحافظات في منطقة مكةالمكرمة، وبالتالي فإن وجود محكمة استئناف سيسهل وصول أصحاب القضايا إليها، إذ إن بعضها يستلزم حضور المتهم مباشرة أمام المحكمة. وأشار إلى وجود مزايا في إنشاء المحكمة أبرزها حضور أطراف الدعوى المباشرين في حال طلبهم، خصوصاً في القضايا الجنائية التي يتوجب على المتهم المثول أمام محكمة الاستئناف، ما يعني أن وجودها داخل حدود الحرم في مكة يفوت إمكان حضور المتهم غير المسلم. وعلى الصعيد ذاته، أوضح عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً المحامي إبراهيم الأبادي حاجة المحامين لمثل هذه المحكمة، وقال: «نحن كمحامين نطالب أن تكون في جدة محكمة استئناف مستقلة إذ إن الكثير من المحامين غير المسلمين وغيرهم من أصحاب القضايا لا يستطيعون مراجعة محكمة الاستئناف الموجودة حالياً في مكةالمكرمة»، منوهاً بضرورة وجود أخرى في محافظة جدة خصوصاً في حال تم تفعيل القضاء الجديد، إذ ستكون درجات التقاضي متعددة ومنها ما يكون أمام محكمة الاستئناف، مشيراً إلى أن الوضع في حال تطبيق درجات التقاضي يتطلب إنشاء محكمة للاستئناف في جدة أو إيجاد فرع لمحكمة الاستئناف الحالية في مكةالمكرمة. يذكر أن المجلس الأعلى للقضاء قد أنشأ عدداً من محاكم الاستئناف في المناطق السعودية منها تبوك، والحدود الشمالية، وحائل، والمدينة المنورة، وجازان، والباحة، ونجران، فيما بُدئ العمل في محكمتي الاستئناف في منطقتي القصيم والشرقية.