استضافت باريس السبت اجتماعاً دولياً خُصص للأزمة السورية لا سيما الوضع في مدينة حلب. وفيما دعا الاجتماع إلى «مواصلة التحرك لتخفيف معاناة المدنيين»، معتبراً أن المفاوضات تشكل «الطريق الوحيد للسلام في سورية»، لاحظت «فرانس برس» أنه غلب على المجتمعين «شعور بالعجز». وشاركت في اجتماع باريس خمس دول غربية بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا وأربع دول عربية بينها السعودية وقطر، إضافة إلى تركيا والاتحاد الأوروبي. وعُقد في اختتام الاجتماع مؤتمر صحافي مشترك ضم وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظرائه الفرنسي جان مارك إرولت والألماني فرانك فالتر شتاينماير والقطري محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني. وحض كيري، من جهته، روسيا على إظهار حسن النيات خلال الاجتماعات الجارية في جنيف بين العسكريين الروس والأميركيين لمحاولة التوصل إلى اتفاق يمكّن المدنيين والمقاتلين من مغادرة الجزء المحاصر من شرق حلب، لكنه أقر بأن نجاح الاجتماعات ليس مضموناً. ودعا كيري المعارضة السورية - التي تمثلت في اجتماع باريس برئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب - إلى التفكير في كيف يمكنها إنقاذ حلب، مشيراً إلى أن ما يعقّد محادثات جنيف الأميركية - الروسية أن المقاتلين المحاصرين في حلب والذين يتم قصفهم بعنف ويحاكمون بطريقة وحشية إذا ما تم القبض عليهم لا يثقون بأنهم سينقذون حلب إذا ما أخلوها أو أنهم سيُفرج عنهم أحياء ولذلك فإنهم يرون أن الخيار أمامهم «إما الموت في حلب أو الموت في إدلب»، وهي الوجهة التي يتمسك بها النظام للمقاتلين الذين يسمح بخروجهم من حلب. وتابع كيري أنه إذا كانت روسيا والنظام السوري يبحثان عن نجاح للمحادثات فإن عليهم أن يضمنوا للمقاتلين خروجاً آمناً، وإذا كانوا فعلاً مستعدين لمعاودة المفاوضات مع المعارضة فإن عليهم أن يوافقوا على مناقشة الانتقال السياسي. وقال كيري أيضاً إن «القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين أو في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب». وأضاف: «يمكن الوصول إلى حل، لكن هذا رهن بخيارات مهمة تقوم بها روسيا»، مذكّراً بأن الخبراء الروس والأميركيين يحاولون في جنيف التوافق على خطة تكفل «إنقاذ حلب». وتابع كيري الذي يغادر منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) من دون أن ينجح في تسوية النزاع السوري: «أحياناً في الديبلوماسية، من المهم إظهار بعض التعاطف». أما الوزير إرولت فتساءل، من جهته، كيف يمكن أن يعود اللاجئون السوريون إلى بلدهم من دون ضمانات أنهم لن يقتلوا، مشدداً على أن الشرط الملح هو تحديد شروط «الانتقال السياسي الحقيقي» في سورية موحدة ويسودها الأمن، مضيفاً أن المفاوضات السورية - السورية يجب أن تستأنف على قاعدة قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 2015 والذي حدد خريطة طريق للتوصل إلى تسوية. ولفت إلى أن هذا الأمر يوافق عليه أيضاً رياض حجاب رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» في المعارضة السورية. وأكد إرولت، في هذا الإطار، أن المعارضة السورية جاهزة للتفاوض «من دون أي شروط مسبقة». وقال الوزير الفرنسي أيضاً إن معركة حلب لا تستهدف إنهاء الإرهاب بل إزالة أي معارضة للنظام السوري و «تكريس حكم ديكتاتور مكروه». متسائلاً: «أي سلام إذا كان سلام القبور؟». كذلك أكد الوزيران الألماني والقطري أن سقوط حلب لا يعني نهاية الحرب. وطالب شتاينماير النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني ب «إفساح المجال أمام الناس للخروج» من حلب، قائلاً: «إذا كانت روسيا وإيران والنظام تواصل التأكيد أن مقاتلين متطرفين لا يزالون في المدينة، لا يمكنني أن أشكك في ذلك، لكن وجود مقاتلي (جبهة) فتح الشام (النصرة سابقاً) لا يمكن أن يبرر تحويل مدينة برمتها إلى رماد». وعلمت «الحياة» من مصدر ديبلوماسي فرنسي أن كيري أصر على حجاب بالدخول بالمفاوضات والطلب من المقاتلين أن يغادروا حلب، لكن حجاب رد بأنه لا يمكن أن يتم ذلك عندما لا يكون هناك ضمان لوقف القصف على حلب، وعندما لا يكون النظام موافقاً على مسألة الانتقال السياسي كما وردت في القرار 2254. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس فرانسوا هولاند يستقبل بعد ظهر الاثنين في قصر الإليزيه حجاب ومنظمات غير حكومية تعمل في سورية. وفي أنقرة (رويترز)، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو السبت إن مقاتلي المعارضة السورية يخاطرون بتعرضهم للقتل في مناطق أخرى من سورية إذا غادروا مدينة حلب وشكك في أن تسفر المحادثات بين داعميهم في باريس عن نتائج ملموسة. وقال تشاوش أوغلو لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي) في تصريحات أدلى بها في باريس: «ماذا سيحدث لقوات المعارضة إذا غادرت حلب. ألن يقتلوا في أماكن أخرى؟... لن يأتي أحد بحلول ملموسة»، في إشارة إلى محادثات العاصمة الفرنسية. وفي بروكسيل (أ ف ب)، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن الاتحاد يعتزم توسيع لائحة الأفراد والمنظمات المقربة من النظام السوري والتي فرض عليها عقوبات، وذلك في ضوء الوضع في حلب. وأوضحت موغيريني أن «الاتحاد الأوروبي سيتصرف بسرعة وفقاً للإجراءات المعمول بها، بهدف فرض مزيد من التدابير التقييدية على سوريين ومنظمات داعمة للنظام (السوري)، طالما أن القمع مستمر». وأضافت: «منذ بداية هجوم النظام السوري وحلفائه، بمن فيهم روسيا، تسببت شدة وقوة القصف الجوي على شرق حلب في سقوط كثير من الضحايا المدنيين وتدمير أجزاء كبيرة من المدينة، ما أدى إلى تدهور مروع للوضع هناك». ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي ال28 الموافقة على هذا القرار وتحديد الشخصيات والمنظمات التي ستستهدفها العقوبات. وفي 14 تشرين الثاني (نوفمبر)، صادقت دول الاتحاد على مجموعة جديدة من العقوبات الفردية بحق مسؤولين في النظام السوري متهمين بالمشاركة في «القمع العنيف» للسكان، وشملت 17 وزيراً وحاكم المصرف المركزي ليرتفع الى قرابة 230 شخصاً ومسؤولاً ومؤسسة معاقبين من اوروبا. ويفرض الاتحاد عقوبات أخرى على النظام السوري بينها حظر على الأسلحة والنفط وقيود على الاستثمارات.