ينتظر أن تشهد الأيام الثلاثة المقبلة الفاصلة عن انعقاد جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل للبحث في تقرير وزير العدل ابراهيم نجار حول صلاحية القضاء اللبناني في البت بقضية شهود الزور في التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مشاورات حول الخطوات التي ستلي مناقشة التقرير في مجلس الوزراء، وأهمها الجهة القضائية التي ستوكل اليها هذه القضية، فضلاً عن الجهة المولجة تحديد من هم هؤلاء الشهود وعلاقة عمل هذه الجهة وخطواتها القانونية، بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وأوضحت مصادر سياسية بارزة ان المشاورات التي بدأت في الساعات الماضية تتركز على الجهة القضائية التي سيوكل اليها الإمساك بهذا الملف، «وهل سيكون الحل بإحالته على المجلس العدلي الذي يترك لمجلس القضاء الأعلى تحديد المدعي العام فيه، أم بتحويل الملف عبر وزير العدل الى المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ليحوله بدوره الى قاضي التحقيق كي يباشر إجراءاته في هذا الصدد». وأشارت المصادر نفسها الى أن أمر تحديد من هم شهود الزور يعود الى القضاء وحده وليس الى مجلس الوزراء إلا إذا تضمن تقرير وزير العدل أسماء محددة تحال على القضاء، الذي يمكن ان يضيف اليها أسماء جديدة تبعاً للمعطيات التي ستبرز أمامه في هذا الشأن. وأكدت المصادر الوزارية نفسها ان من «الطبيعي أن تشهد الأيام المقبلة تجاذباً حول صيغة الهيئة القضائية التي سيحال عليها الملف – لكن المشاورات الجارية في هذا الصدد ستتوصل الى توافق عليها – فضلاً عن التجاذب حول من هم شهود الزور، الذي للقضاء وحده ان يقرر هويتهم والعمل على استدعائهم». وكان وزير التربية حسن منيمنة طرح في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء الماضي ضرورة اعتماد الشمولية في طرح الملف بحيث لا يقتصر التحقيق مع شهود الزور على أسماء طرحها «حزب الله» بل أن يتعداهم الى آخرين منهم الضباط المعنيون بالعبث بمسرح الجريمة، وبمن روّج لاتهام أحمد أبو عدس الذي ظهر في شريط فيديو يتبنى الجريمة كانتحاري، وبمن روج لاتهام مهاجرين لبنانيين الى استراليا، ومن اتهم مجموعة ال13 التي تنتمي الى جهة أصولية... الخ. وقد تبنى عدد من النواب والقوى السياسية فكرة هذه الإضافات على شهود الزور، علاوة على ما طرحه «حزب الله» من أسماء: محمد زهير الصديق، أكرم شكيب مراد، ابراهيم جرجورة وعبدالباسط بن عودة. لكن المصادر السياسية البارزة نفسها توقعت أن يؤدي البت في هذا الملف الى تسهيل تنفيس الاحتقان لأنه قد يؤدي الى تمهّل المدعي العام الدولي في المحكمة الدولية في إصدار قراره الاتهامي، في انتظار أن ينتهي القضاء اللبناني من البت بمسألة شهود الزور، بحجة ان المعطيات في شأنهم قد تؤثر في المعطيات التي بحوزة المدعي العام الدولي. وأوضحت المصادر ان هذا المخرج يحظى بدعم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ودمشق، وأن رئيس الجمهورية ميشال سليمان مطلع على التحرك الجاري لاتباعه، وأن اتصالات تجري مع رئيس الحكومة سعد الحريري في شأنه. وأملت المصادر السياسية البارزة نفسها أن يجري تعزيز إحالة ملف شهود الزور على القضاء، بإقدام الأخير على النظر في المعطيات والقرائن التي طرحها الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله عن اتهام إسرائيل بجريمة اغتيال الرئيس الحريري، من أجل استمهال القضاء الدولي وتأخير صدور القرار الظني، لفترة مديدة، باعتبار أن هذه التحقيقات تتطلب وقتاً، على الصعيد القضائي التقني، وهذا يفسح في المجال لتهدئة الأوضاع في لبنان إزاء المخاوف من ردود فعل «حزب الله» وحلفائه حيال صدور القرار الظني لا سيما إذا كان سيتهم أفراداً من الحزب. إلا أن مصادر أخرى لبنانية وأجنبية سألت: «ما الذي يضمن أن يتم تأخير القرار الظني إذا بدأ القضاء اللبناني معالجة ملف شهود الزور؟ وماذا إذا ردت المحكمة على طلب القضاء اللبناني تأخير القرار الظني، بأن المدعي العام الدولي لا يستند الى شهادات شهود الزور في حيثياته، كما سبق أن أعلن القاضي دانيال بلمار». وفي انتظار يوم الثلثاء المقبل، استمر السجال حول شهود الزور أمس، فيما دفعت المخاوف من المس بالاستقرار في لبنان بسبب التشنجات السياسية المتصلة بالحرب على المحكمة الدولية، الى مزيد من الاهتمام الخارجي، فجالت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي على الرئيسين سليمان والحريري وزعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون. وأعلنت كونيللي في بيان قلق حكومتها «من أي عمل قد يزعزع الاستقرار والسيادة في لبنان»، واستندت الى «تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات فرنسا، تركيا، مصر والمملكة العربية السعودية لتؤكد دعم المحكمة الخاصة بلبنان لتكمل عملها في الوقت المخصص لها من دون أي تدخل خارجي». وإذ شددت كونيللي على الشراكة بين لبنان والولايات المتحدة، جاء تحركها في ذروة التحضيرات لزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان المرتقبة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، والذي سبقه عدد من المسؤولين الإيرانيين الى بيروت تحضيراً للمحادثات التي سيجريها، أبرزهم وزير الطاقة مجيد نامجو الذي التقى رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة والسيد نصرالله ووزير الطاقة جبران باسيل للبحث في المساهمة الإيرانية في مساعدة لبنان في مجالي المياه والكهرباء. ويولي «حزب الله» وحلفاؤه أهمية لزيارة نجاد، ودعا الحزب وحركة «أمل» الى احتفال شعبي كبير في ضاحية بيروت الجنوبية مساء الأربعاء احتفاء بنجاد يتحدث فيه الضيف الإيراني والسيد نصرالله الذي تردد أنه قد يظهر شخصياً في خلال المهرجان، كما أن نجاد سيزور الجنوب يوم الخميس وتحديداً بلدة قانا حيث أضرحة شهداء المجزرتين اللتين ارتكبهما الجيش الإسرائيلي (1996 و2006) ثم بلدة مارون الراس ومدينة بنت جبيل. وتردد أنه سيُطلق اسم الرئيس الإيراني على طريق تمر بوادي الحجير – السلوقي وأن موكبه سيمر قرب بوابة فاطمة، التي تطل على المستعمرات الإسرائيلية، من دون أن يتوقف عندها. وفي باريس، أعربت مصادر فرنسية مطلعة عن مخاوف باريس إزاء زيارة الرئيس نجاد للبنان، وقالت انه «تساهم في زيادة التوتر ولا حاجة الى ذلك». ولفتت الى أن الفرنسيين أجروا اتصالات مع جميع الأطراف في لبنان حول الموضوع.