إعلان جوائز نوبل هو حدث سنوي يشغل ملايين المتابعين. وإذا كنا في الوطن العربي لسنا من المهووسين بمتابعة هذا الحدث نظراً الى قلة مرشحينا في أجناس نوبل، إلا أننا بدأنا نستعد كغيرنا، بل ونمارس طقوس توتر الأعصاب اللازمة لمثل هذه المناسبة. عندما أسس ألفرد نوبل جائزته أو أوصى بها، كان في محاولة أخيرة للتكفير عن اختراعه الديناميت من جهة، ولإقران اسمه بالأدب بعد ما فشل في ذلك كاتباً من جهة أخرى. وإذا أخذنا هذا المبرر الإنشائي للجائزة في الاعتبار فيمكن لنا أن نتصور أن معظم من نالها كان بحاجة لهذه المنحة بعدما قرر فتح باب التنازلات تجاه قضايا مجتمعه وتاريخه وبيئته، هذه القضايا التي قد تكون أكثر أو أقل أهمية من نوبل ولكنها قضايا شعب وبيئة وتاريخ. وإذا أردت أن أكون أكثر حيادية فإنني أستطيع أن أقول أنها منحت لأشخاص قاموا بنقد ذاتي لكل ما كانوا يحملون من إرث بنيوي تاريخي وتربوي شفوي. ولئن أردت حصر الحديث بمن نالها من الوطن العربي فإن الصورة تبدو جلية لما تحاول هذه المقالة إيجازه.. ففي الأدب لم ينلها من كل الوطن العربي إلا نجيب محفوظ الرجل الذي كانت أعماله الروائية أعمال حواديت أقرب منها الى الرواية. ولا يمكن أن أعترف أن محفوظ مع الاحترام الشديد لتاريخه في الأدب هو أفضل الروائيين العرب وأكثرهم حرفة في صناعة رواية تدفع عجلة الأدب العالمي إلى الأمام. ولكن المسألة ارتبطت تماماً بفكر نجيب محفوظ آنذاك والذي كان يدعو بصحبة مجموعة من رفقائه إلى سلام بلا أي معنى مع إسرائيل. وعلى هذا فليس بكثير على هذا الرجل جائزة أدبية عوضاً عن السياسية. فلنكف عن التوتر وارتخاء الأعصاب، يجب أن نفوز أولاً بقراء العربية الأم لا بقراء ترجماتها.