أول امرأة أول أسود كان يمكن أن يكون أول أسود يتقلد منصب بروفسور الشعر في جامعة أكسفورد، لكن ديريك وولكوت (79 عاماً) سحب ترشيحه بعد «حملة مخزية للاغتيال المعنوي». تلقى نحو مئة من أساتذة الجامعة وخريجيها نسخاً من صفحات من كتاب «البروفسور الداعر» الذي تناول التحرش الجنسي في الجامعات، وصدر أولاً في 1984. في 1982 قالت طالبة في جامعة هارفرد ان أستاذها وولكوت طلب منها أن تتخيل أنها تنام معه، وأنه أعطاها علامة منخفضة عندما رفضت تحرشاته. اكتفى بالرد ان تعليم الشعر «مسألة شخصية وعاطفية عن عمد». بعد أربعة عشر عاماً اتهمت الكاتبة نيكول نييمي كيلبي الشاعر بالتحرش الجنسي ورفض إخراج مسرحيتها لصدّها إياه. قاضته وطالبته، هو وجامعة بوسطن، بنصف مليون دولار. نفى وسوّيت القضية خارج المحكمة. الأسبوع الماضي وقفت معه وضده عندما قالت ان الحملة عليه في أكسفورد «مروعة»، وان «أسلوبه جنسي يدفع حدود اللياقة والذوق(...) انه ناقص مثل أي رجل آخر. لكنه كأي رجل عظيم يسترجع الماضي ويعرف ان عيوبه عامة. وهو من هذه العيوب يصنع فنه». واجهت وولكوت، قالت، لكي تحمي الشابات، لكنها سامحته وودّت لو أجلت الجامعة الانتخاب. انتخبت منافسته روث بادل (62 عاماً) أول امرأة في أهم المناصب الأدبية بعد شاعر البلاط، ووجدت من يتهمها بتنظيم الحملة. نفت. الهجوم على الفائز بنوبل الأدب سمّم فوزها، قالت الشاعرة وكاتبة أدب الرحلات، في الوقت الذي شرّفها وأشعرها بالتواضع. بعض أنصاره فصل المنصب عن الأخلاق، وقال ان بايرون وكيتس ما كانا استبعدا في زمنهما. «نحن نزوّد الشعر لا العفة». المنصب نفسه لا يتضمن التعليم بل إلقاء ثلاث محاضرات سنوية عن الشعر للجامعة كلها ومحاضرة كل سنتين عن شخصية من القرن السابع عشر. هل يمكن فصل التكريم الأدبي والفني عن الخيارات السياسية والأخلاقية، وما هي الرسالة التي نوجّهها إذا فعلنا؟ ألا يمكن المؤسسات، الجامعات في هذه الحال، إنصاف من يتعرّضون لإساءة أصحاب السلطة وتهديد مستقبلهم؟ عندما كوفئ المخرج ايليا كازان بأوسكار عن مجمل أعماله، احتجّ فنانون كثر على تكريمه لخيانته زملاء يساريين له أمام لجنة الأنشطة المضادة لأميركا التي منعتهم من العمل. كوفئ وولكوت بنوبل الأدب بعد عقد على الاتهام الأول، فهل شجّعته الجائزة وغياب الحساب والعقاب على ارتكاب التحرش الثاني؟ مزج وولكوت (79 عاماً) حضارتيه الأوروبية والأفريقية في شعره، ورفض حركة «الكلمة السوداء» التي استبعد شعراؤها الشبان إرث أوروبا. كان أحد جدّيه إنكليزياً والآخر هولندياً، ورددت والدته الغسالة ومديرة المدرسة الميثودية أشعار شكسبير له ولشقيقه رودريك. اختارت «تعليماً كولونيالياً سليماً» لطفليها اللذين توفي والدهما الكاتب والرسام وهما في عامهما الأول، فغرف من تراث مارلو وملتون في شعره ومسرحياته، وجمعه بالثقافة الأفريقية والخرافة. أشار الى هويته المزدوجة في «بعيداً من أفريقيا» بعد تمرد الماو ماو في كينيا في الخمسينات من القرن الماضي. «أنا الذي يسمّمني دم الاثنين/ الى أين أميل، وأنا منقسم حتى الوريد؟/ أنا الذي لعن/ ضابط الحكم الإنكليزي السكير، كيف أختار/ بين هذه الأفريقيا واللغة الإنكليزية التي أحب؟/ هل أخون كلتيهما، أو أعيد ما تهبانه؟». العمر فيلم رعب على عتبة الستين، «يقع» مارتن آميس بين ثلاث دفعات من الأولاد. ديلايلا (33 عاماً) التي كانت ثمرة علاقة موجزة مع امرأة متزوجة وجعلته جداً. فرناندا وكليو من زواجه الثاني اللتان تقفان على الضفتين المتقابلتين للعاشرة. وبينهن شابان من زواجه الأول تخرجا حديثاً من الجامعة. روايته الجديدة «الأرملة الحامل» تهجس بالعمر وستصدر السنة المقبلة. بطله كيث، الذي ظهر في «أطفال موتى» في 1975، في السادسة والخمسين، واستسلم لما يدعوها الحقائق البسيطة. «كل زيارة الى المرآة تواجهك بسابقة مريعة(...) عندما تصبح عجوزاً تجد نفسك تؤدي تجربة لدور يدوم العمر كله، وبعد تمارين لا تنتهي تجدك تمثل دور البطولة في فيلم رعب بلا موهبة، بلا مسؤولية و... منخفض الموازنة. وفوق كل ذلك، وكما هو الأمر في كل أفلام الرعب، يتركون الأسوأ للنهاية». يؤدي كيث دور الأنا الأخرى للكاتب الذي قال ان روايته نصف ذاتية. رغب في وضع المزيد من حياته عندما بدأ الكتابة في 2003، لكنه فقد السيطرة عليها وتوقف بعد عامين. كانت رواية طويلة، وبقيت ضائعة، متعثرة حتى بعد مئتي ألف كلمة. بدأ الكتابة مجدّداً عندما بلغ السادسة والخمسين مثل كيث، واسترجع مخاوف الشباب وإرهاب صديقة أذّلته جنسياً. واعد آميس شقراوين في حقبة الثورة الجنسية في السبعينات من القرن الماضي كانت احداهما حفيدة ونستون تشرتشل. تدور الرواية في قصر في ايطاليا حيث يقصد كيث حانة مع ليلي وشهرزاد، وعندما تهينه إحداهما جسدياً يدوم شعوره بالدمار ربع قرن. يقول كيث في البداية ان «كل ما يلي حقيقي». ايطاليا، القصر، الفتيات وحتى الأسماء. «لماذا أزعج نفسي بحماية الأبرياء؟ لم يكن هناك أبرياء، وربما كانوا كلهم أبرياء ولكن لا تمكن حمايتهم». يشكو من أعباء الأبوة في عمر متأخر و «صرخات الأطفال» عندما يحاولون اكتشاف حدود الكون، مثلاً، أو عندما يتفوهون بعبارات جارحة الى درجة لا تصدق عن شكله. «ستبدو أفضل بكثير، بابا، إذا نما لك شعر أكثر». آه حقاً؟ أو «بابا، عندما تضحك تبدو مثل متشرّد عجوز مجنون». في السابعة والعشرين ارتبط آميس بعلاقة سريعة مع امرأة كانت على خلاف مع زوجها الصحافي. جهل أنها أنجبت ديلايلا منه، ونشأت هذه في أسرة الصحافي بعد انتحار والدتها. لم تعرف هي وآميس أنها ابنته الى أن أخبرهما الصحافي لدى بلوغها الثامنة عشرة. طفلتاه من الكاتبة الأميركية ايزابيل فونسيكا تصيبانه بالرعب من «معسكرات القتل» في ظل الإرهاب الديني. يهوديتان كوالدتهما، وعزّز خوفه عليهما عداءه للإسلام الذي دفعه الى المطالبة بتقييد حرية الباكستانيين ومن يبدون شرق أوسطيين. البحث عن الوجه تعود مونيكا علي في روايتها الثالثة «في المطبخ» الصادرة عن دار دوبلداي الى بريطانيا بعد أن شردت في «أزرق ألينتيخو» الى جنوب البرتغال. بعد نجاح باكورتها «بريك لين» التي رشحت لجائزة بوكر، حاولت علي، البريطانية البنغالية، تجنب التحول الى ناطقة باسم جماعتها العرقية. تتناول ضياع الهوية مجدداً ولكن لدى الإنكليز أنفسهم الذين يعانون من ثقل الصراع بين الماضي والحاضر، الريف والمدينة. تجعل «فندق امبريال» الذي تدور الأحداث فيه مجازاً لبريطانيا الباحثة عن وجهها بعد زوال هويتها الاستعمارية وتدفق المهاجرين اليها. في الفندق عمال من الإمبراطورية السابقة وغيرها، والشخصية الرئيسة طباخ انكليزي يحلم بفتح مطعم خاص. «لو كان الأمبريال شخصاً(...) كنت استطعت القول انه لا يعرف من يكون». يناقش غابرييل ووالده المصاب بسرطان قاتل معنى الهوية البريطانية واختلاطها بقضايا العرق والهجرة وانحسار الجماعات المحلية الصغيرة. ينعى الأب الذي يقطن في الريف البلاد، ويرى الاقتصاد بيتاً من ورق. «فليباركه الله» يسخر شريك غابرييل العتيد، النائب المراوغ عن حزب العمال، الذي يؤكد ان الاقتصاد بخير لأن وزيره لا يني يؤكد ذلك. وإذ تصاب جدة غابرييل بخرف الشيخوخة يستبطن غدر الحياة بالمرء، ويتساءل أين أصبحت وهي أمامه. يذهب حلمه بالمطعم هباء عندما يقتل بواب الفندق الأوكراني الذي دخل البلاد خلسة. تتعثر حياته الخاصة أيضاً عندما يؤوي لينا البيلاروسية التي تدّعي انها أُجبرت على تعاطي البغاء. تخالط الرغبة في حمايتها الرغبة فيها، فيدمّر أمله بالزواج من تشارلي المغنية الحمراء الشعر في الملاهي الرخيصة، ويشعر بأنه بات يحب لينا بصفاء وصدق. تصف علي الفندق بأنه سجن ومصح وقاعة بلدية في الوقت نفسه، وسريعاً يفقد سيطرته على نفسه ويدور على العاملين في المطبخ يسألهم أن يختصروه في ثلاث كلمات. «طويل، أبيض، ذكر»، يقول واحد هبّ للنجدة. تلقي علي الضوء على أوضاع المهاجرين الذين يعملون بأجور متدنية، ويعانون من التمييز والرفض، لكنها تقع في شرك النمطية والتلقين والوعظ، وتفتقر الى العفوية والطراوة. تبرع في وصف عالم المطبخ المجنون، المتوتر، الهزلي كأنها عملت فيه، وتقول ان المسؤول عن الشواء يلف رأسه بوشاح «امتص بعض العرق لا كله. شعر بالفخر كلما زادت كمية الدم على مريوله من أصابعه».