السؤال الذي طرحه عليّ بعض مدمني «الكشنة» والطماطم هو: ما العمل؟ مع اختصار المقدمات والسير المالية الذاتية «المنتفة» لبعضهم، و«فش الخلق» في التجار ووزارتهم والمزارعين وغيرهم. ربما يكون الجواب اعرف عدوك، على افتراض أن هذه الثمرة الحمراء المشتعلة في بورصة أسواق الخضار أصبحت عدوة الموازنة الأسرية، ومعرفته ربما تكون سبباً في الاقتناع بسعرها والاستسلام لثقافة غذائية مفتعلة، أو التأكد بإمكان الاستغناء عنه. تتكوّن ثمرة الطماطم الناضجة من 93 في المئة ماء، 4 في المئة غلوسين (حمض)، 1 في المئة مواد رغوية، إضافة إلى الزيوت، وفيتامينات (A ،B2، B1، C)، وبالعربي الفصيح كأنها عبارة عن ماء مصبوغ، فتحت عليه كبسولة فيتامينات، هذا إذا أردت المشاركة في الحملة الكويتية «خلوها تخيس»، مع الاعتذار للقارئ عن عنوان الحملة، أما إذا أردت العناية بنفسك، فوجود الزيوت والمواد الرغوية، يمكن اعتباره بمثابة تنظيف لمعدتك، و«تنضير» لبشرتك وحرمك المصون، فتتفق أنت وإياها على أن تختار بين الطماطم يومياً، أو صالون التجميل مرة في الأسبوع. والحق أن هذه الثمرة المجنونة فاتحة للشهية، مدرة للبول، مفتتة للحصى والرمل، ملينة، ومنشطة للجسم، وغذاء جيد للمصابين بأمراض القلب وارتفاع الضغط والكلى، على ذمة مواقع طبية غير رسمية. إذاً فلنغيّر استراتيجية الحرب من اعرف عدوك، إلى اعرف أعداءك، فسعر الطماطم لم يرتفع محلياً فقط، بل إن ارتفاعه إقليمي بحسب ما قرأنا في «الحياة»، ورأينا على الشاشات، وأول أعدائك هنا هو إدمانك على شراء الطماطمن لاعتقادك بأن المطبخ سينهار من دونها، وأن السلطة ستفقد بريقها، إنها نمطية الاستهلاك التي يمكنني التطفل على علم النفس وتسميتها متلازمة «دف العربية»، المقصود عربة التسوق، فالرجل غالباً صنفان، صنف يبدأ من الخضار والفاكهة، أو صنف ينتهي بهما عند التسوق، ويداه تلقائياً تتجهان للطماطم والبصل والخيار والبطاطس وبعبوات وكميات تعتبر في المعدل كبيرة (سيأتي الدور تباعاً على بقية الأصناف، فانظر أيها يمكنك تخزينه). ثاني أعدائك هو من يطبخ في منزلك، يجب عليك أن تكتب له على كل حبة طماطم سعرها ليعيش الوضع معك، أو تأخذه إلى السوق، ليرى بأم عينه الموظفين في الأرض وهم يلتقطون الصور التذكارية بجوار عبوات الطماطم، ثم تقنعها بأن تخفض الاستهلاك، وما يصلح بحبتين، يمكن أن نتظاهر أنه يصلح بحبة واحدة، ولمزيد من الإقناع ارفع صوت التلفزيون أثناء المباريات، لتسمع الجمهور يصرخ «حبة حبة». عدوك الأخير «ناعم» وهن مؤلفات كتب الطبخ اللاتي يتعمدن إكثار كميات الطماطم من دون أن يذكرن كم يجب أن يكون قطر الحبة الواحدة أو وزنها، غير مكترثات بوضعك الاقتصادي، ووضع الأسواق الذي يستعر حول العالم. [email protected]