أعلنت القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني أمس، «فرض السيطرة الكاملة» على مدينة سرت على الساحل الليبي بعد أشهر من معارك متواصلة مع تنظيم «داعش». وقال الناطق باسم هذه القوات رضا عيسى: «قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت». وأضاف: «شهدت قواتنا عملية انهيار تام للدواعش». وتم تحديث صورة الغلاف على صفحة «عملية البنيان المرصوص»، وهو اسم العملية العسكرية في سرت، على موقع «فايسبوك»، ونُشرت صورة لجنود يرفعون شارة النصر، مع عبارة: «انتصر البنيان وعادت سرت». وأوردت الصفحة: «انهيار تام في صفوف الدواعش والعشرات منهم يسلّمون أنفسهم لقواتنا». وانطلقت العملية العسكرية في 12 أيار (مايو) الماضي، وحققت القوات الحكومية تقدماً سريعاً في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسة في سرت (450 كيلومتراً شرق طرابلس) المطلة على البحر المتوسط. لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطؤ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل. وحاصرت القوات الحكومية منذ نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، عناصر «داعش» في رقعة صغيرة في المدينة. وبدأ التنظيم يتغلغل في سرت في العام 2014 مستغلاً الفوضى التي سادت ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، وسيطر عليها في حزيران (يونيو) 2015. تشكل خسارة سرت الواقعة على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس ضربة جديدة للتنظيم بعد الهزائم التي مُني بها خلال الأشهر الماضية في العراق وسورية. وتسببت المعارك لاستعادة المدينة التي اتخذ منها المتشددون معقلاً وحاولوا التمدد خارجها، بمقتل 700 شخص وإصابة 3 آلاف آخرين بجروح في صفوف القوات الحكومية. ودعت قوات حكومة الوفاق خلال الأيام الماضية، النساء والأطفال إلى الخروج من مناطق المعارك. وفرض تنظيم المتطرف قوانينه على سرت، بين حزيران 2015 وأيار (مايو) 2016، وقُطعت أيادٍ، وأُعدم أشخاص بشكل علني، وساد الرعب. وشكلت سرت وهي مسقط رأس القذافي وتقع على بعد حوالى 300 كيلومتر فقط من أوروبا، قاعدة خلفية للتنظيم استقطبت المقاتلين الأجانب الذين جرى تدريبهم على شن هجمات في الخارج، ما أثار مخاوف في الدول الغربية. وقدمت هذه الدول دعماً كبيراً لحكومة الوفاق، مطالبةً بأن تكون محاربة الإرهابيين أولويتها المطلقة. ومن شأن التخلص من الخطر الإرهابي أن يفسح المجال أمام حكومة الوفاق لتنصرف إلى معالجة مشاكلها الأخرى الكثيرة، ففي ليبيا حالياً حكومتان، الأولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، والثانية تتمركز في الشرق ولا تتمتع باعتراف المجتمع الدولي لكنها تحظى بمساندة «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر. وتلقت حكومة الوفاق خلال عمليتها العسكرية في سرت دعماً من الولاياتالمتحدة تمثل بغارات محددة الأهداف تم خلالها استهداف قيادات في التنظيم.