تمكنت القوات النظامية السورية والميليشيات الموالية ليل الجمعة - السبت، من السيطرة على حي طريق الباب شرق حلب، بحيث باتت يسيطر على نحو ستين في المئة من الأحياء الشرقية التي كانت في أيدي الفصائل المعارضة قبل بدء الهجوم الواسع على هذه الأحياء منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، في وقت أفيد بخروج 20 ألف طفل من مناطق القصف والمعارك. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنه «تأكد مقتل طيارين اثنين في صفوف سلاح الجو التابع لنظام بشار الأسد، إثر سقوط طائرتهما فوق مدينة حلب، ذلك أن الطيارين الاثنين وهما ضابطان في سلاح الجو، قتلا إثر إسقاط طائرتهما نتيجة استهدافها من الفصائل، خلال محاولتها الاقتراب من مطار حلب الدولي، الذي تسعى قوات النظام الى تأمين محيطه في شكل كامل». وكان «المرصد» أشار الى «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في حي الجزماتي بالقسم الأوسط من أحياء حلب الشرقية، وسط قصف متبادل بين الطرفين، بالتزامن مع اشتباكات بينهما في منطقة كرم الطراب، فيما استهدفت الطائرات الحربية أماكن في أحياء كرم الطراب والفردوس والمغاير والسكري وبستان القصر في القسم الشرقي من مدينة حلب»، ذلك بالتزامن مع معارك في «الأطراف الغربية لمدينة حلب عند أطراف حي جمعية الزهراء والمنطقة الممتدة إلى ضهرة عبد ربه في شمال غربي مدينة حلب، في محاولة من كل طرف التقدم على حساب الطرف الآخر، وسط قصف واستهدافات متبادلة بين الجانبين، وسقوط قذائف على مناطق في أحياء سيف الدولة وجمعية الزهراء والشهباء، ومعلومات عن سقوط جرحى». وخلال المعارك، قتل «ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب أكثر من 10 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، نتيجة قصف للطائرات الحربية على مناطق في حي الشعار الواقع في القسم الأوسط من أحياء حلب الشرقية، فيما لا يزال عدد الشهداء مرشحاً للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة». ووفق «المرصد»، فإن القوات النظامية والميليشيات بسيطرتها «على حي طريق الباب، تكون استرجعت نحو 60 في المئة من شرق المدينة. وبهذه السيطرة تكون قوات النظام قد تمكنت من تأمين طريق مطار حلب الدولي الجديد». وهذا يعني أن الجيش النظامي السوري استعاد السيطرة على الطريق الذي يربط بين الأحياء الغربية للمدينة ومطار حلب الذي يسيطر عليه أصلاً والواقع جنوب طريق الباب. وجاءت السيطرة على حي طريق الباب بعد اشتباكات عنيفة أدت الى فرار المدنيين الى حي الشعار القريب. ومنذ السبت الفائت، فر ما لا يقل عن 50 ألف شخص من سكان الأحياء الشرقية للمدينة التي كانت تضم نحو 250 ألفاً، وتوجهوا الى الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام. وأفاد «المرصد» بأن 310 مدنيين بينهم 42 طفلاً، قتلوا في الأحياء الشرقية لحلب منذ بدء هجوم قوات النظام في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، فيما قتل 64 في قصف للأحياء الغربية. والجمعة، خاضت الفصائل المعارضة معارك ضارية مع قوات النظام، في محاولة للحفاظ على حي الشيخ سعيد في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وذكر «المرصد» أن مسلحي المعارضة تمكنوا الجمعة من قلب الوضع في حي الشيخ سعيد، وتمكنوا من استعادة 70 في المئة من الحي بعدما كانت القوات النظامية هي التي تسيطر على 70 في المئة منه. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس، أن خسارة الحي «ستشكل ضربة قاسية للمقاتلين، خصوصاً بعد خسارتهم» جزءاً كبيراً من الأحياء الشرقية للمدينة خلال الأيام الأخيرة. وأعلنت الأممالمتحدة الجمعة، أن حوالى 20 ألف طفل فروا من منازلهم شرق مدينة حلب في الأيام الأخيرة، محذرة من أن الوقت بدأ ينفد لتزويدهم بالمساعدات. وقال الناطق باسم صندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف)، كريستوف بولييراك، للصحافيين في جنيف: «الأكثر إلحاحاً الآن هو تقديم المساعدة التي يحتاج إليها هؤلاء الأطفال وعائلاتهم في شكل كبير». وعلى وقع استياء المجتمع الدولي، عرضت روسيا الخميس فتح أربعة ممرات إنسانية من حلب الشرقية لإجلاء المدنيين والجرحى وإيصال المساعدات. ولا تشارك روسيا في عمليات القصف الحالية على الأحياء الشرقية، إلا أن مشاركتها العسكرية الى جانب النظام منذ أيلول (سبتمبر) 2015، ساهمت في إضعاف المقاتلين. على صعيد آخر، غادر نحو ألفي شخص، بينهم مقاتلون من الفصائل المعارضة، مع عائلاتهم الجمعة، مدينة التل الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال دمشق، في إطار اتفاق مع الحكومة السورية، وفق «المرصد». وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عملية الإجلاء، وقالت أنها تمت إثر اتفاق بين السلطات المحلية والحكومة السورية. والتل هي المدينة السادسة التي يتم إجلاء المسلحين منها خلال ثلاثة أشهر، بعد أيام من عملية مماثلة في خان الشيح الواقعة على بعد نحو 25 كلم جنوب غربي العاصمة السورية. ويقدم النظام عمليات الإجلاء هذه على أنها تأتي في سياق اتفاقات «مصالحة» بهدف وضع حد للحرب في سورية. إلا أن منظمات عدة للدفاع عن حقوق الإنسان انتقدتها. وأفادت شبكة «سمارت» المعارضة أمس، بأنه «تعرضت حافلة تقلّ أهالي ومقاتلين مهجرين من مدينة التل بريف دمشق، لاعتداء من أحد حواجز ميليشيا الشبيحة التابعين للنظام، قبل وصولهم إلى قلعة المضيق بريف حماة».