فاجأ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الرأي العام في بلاده وخصوصاً القاعدة الاشتراكية، بالعدول عن الترشح لولاية رئاسية ثانية «إدراكاً منه للأخطار التي تترتب على صعيد انقسام صفوف اليسار الفرنسي». وقال هولاند في مداخلة تلفزيونية لم تكن مقررة مسبقاً ليل الخميس - الجمعة، إن مستقبل البلد على المحك، خصوصاً أن المشروع الذي يعتمده مرشح اليمين فرنسوا فيون يعيد النظر بنظامنا الاجتماعي وقطاعنا العام. كما حذر بصوت اتسم بالتأثر والإحباط من خطر اليمين المتطرف، وقال: «أقدر أكثر من أي أحد صعوبة رهانات المرحلة المقبلة». وعرض هولاند في بداية مداخلته حصيلة إيجابية لما أنجز في عهده على صعد مختلفة، منها الاستثمار والاستهلاك وانخفاض البطالة، على رغم أن مستواها لا يزال مرتفعاً. كما دافع عن سياسته الخارجية وأسلوبه في مواجهة الإرهاب وتعامله مع قضية المهاجرين، مشيراً إلى أنه نادم على أمر واحد هو اقتراح تجريد المتورطين بالإرهاب من الجنسية الفرنسية، وقال: «اعتبرت أن هذا الاقتراح سيوحدنا لكنه قسمنا». وما إن أنهى هولاند إعلانه غير المسبوق في الجمهورية الخامسة، اتجهت الأنظار إلى رئيس الحكومة مانويل فالس الذي يعتبر الوريث الطبيعي لخوض معركة الرئاسة، خصوصاً أنه كان بدأ يلمح إلى جاهزيته منذ صدور كتاب يتضمن سلسلة مقابلات مع هولاند أجراها صحافيان فرنسيان. ثم أعلن فالس أنه جاهز لخوض المعركة في مقابلة صحافية قبل أن يتناول غداءه التقليدي مع هولاند في بداية الأسبوع، إذ رجح كثيرون أن هولاند قد يكون أبلغ فالس بقراره الذي بقي سراً للآخرين. وحيا فالس أمس، قرار هولاند ووصفه بأنه «خيار رجل دولة»، لكنه لم يكشف فوراً عن نيته الترشح. وينتظر البعض أن يقدم فالس استقالته من رئاسة الحكومة للترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل، والتي تتنافس فيها شخصيات عدة من اليسار. وإضافة إلى احتمال ترشح فالس، هناك مرشحان لليسار هما إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد السابق واليساري المتطرف جان لوك ملاشون اللذان قررا الترشح مباشرة للرئاسة من دون الدخول في الانتخابات التمهيدية. ورجحت الأوساط الإعلامية أن يخلف وزير الداخلية برنار كازنوف أو الوزير الناطق باسم الحكومة ستيفان لوفول فالس، إذا استقال لبضعة أشهر. وتوجه هولاند أمس إلى أبوظبي حيث يفتتح ندوة دولية لحماية التراث الأثري في الدول التي تشهد صراعات. في الوقت ذاته، اعتبر مرشح الجمهوريين للرئاسة الفرنسية فرنسوا فيون أن هولاند «أقر بتعقل بفشله الفادح الذي يحول دون ترشيحه مجدداً وأن ولايته تنتهي وسط فوضى سياسية وتدهور للسلطة». أما مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية، فقالت إنها ستواجه في معركة الرئاسة المقبلة «نسخاً لشخصيات غالباً ما لديها شوائب الصف الأول لكنها تفتقر لمزاياها القليلة»، وذلك تعبيراً عن استخفافها بمرشحي اليمين الوسط واليسار على السواء.