من القاعة الأهم في شركة أرامكو السعودية «مركز تنسيق العمليات» الفريدة على مستوى العالم، والتي تدير منها أرامكو جميع عملياتها من النفط والغاز والتنقيب والتصدير، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمس عدداً من مشاريع النفط والغاز العملاقة لأرامكو السعودية، ومركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران. وأعرب رئيس شركة أرامكو السعودية كبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين الناصر عن ترحيب جميع موظفي أرامكو بخادم الحرمين الشريفين في المقر الرئيس للشركة بمدينة الظهران لتدشين مجموعة من المشاريع النفطية، منوهاً بأن 80 عاماً تفصل عن أول زيارة قام بها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لأرامكو لتدشين أول شحنة للنفط الخام. وقال: «إن البدايات كانت متواضعة ولكنها طموحة، إذ استمرت الشركة في النمو على مدى السنوات الماضية وبتوجيهات حكيمة من ملوك المملكة، بدءاً من الملك سعود، ثم فيصل، ثم خالد، ثم فهد، ثم عبدالله - رحمهم الله جميعاً -، إذ ترك كل منهم بصمة واضحة في نمو أعمالها، حتى أصبحت الآن في عهدكم الزاهر هي العملاق العالمي الأكبر في صناعة الطاقة، كما أصبحت الشركة معياراً عالمياً، ليس فقط في الحجم، بل في الكفاءة والجودة والموثوقية والتطور التقني والابتكار». وأكد أن أرامكو السعودية تسعى للنمو والتنمية باستمرار في خدمة الوطن، عبر العمل المتفاني والإنتاج العالي لنحو 66 ألفاً من منسوبيها، ويشكل الشباب منهم أكثر من 50 في المئة، إذ يبنون أرامكو المستقبل. ولا أدل على تميز أرامكو السعودية اليوم من هذا المركز المتطور الذي ندشن من خلاله المشاريع العملاقة الجديدة، فمركز تنسيق العمليات هذا هو مركز التحكم الرئيس لأعمال الشركة، وليس له مثيل في العالم. لافتاً إلى أن المركز يتحكم بإنتاج 15 مليون برميل مكافئ من النفط الخام والغاز، من خلال شبكة متكاملة من المرافق في البر والبحر وفي جميع مناطق المملكة. ثم استمع خادم الحرمين الشريفين إلى شرح عن مركز تخطيط وتنظيم توريد الزيت، وشاهد عرضاً مرئياً عن تاريخ أرامكو السعودية. بعد ذلك تشرف مجموعة من الشباب السعوديين بتقديم الحجر الكريستالي الذي يرمز لكل مشروع من المشاريع الجديدة. ثم رفع خادم الحرمين الشريفين ذراع التحكم، لتتدفق الطاقة من معامل الوطن إيذاناً بتدشينها، إذ تبلغ قيمة المشاريع الإجمالية نحو 160 بليون ريال، ومجموع طاقتها الإنتاجية نحو 3 ملايين برميل مكافئ من النفط الخام والغاز يومياً. وتواصل الملك عبر الاتصال المرئي المباشر مع مجموعة من الشباب السعودي، في كل من مشاريع منيفة، والغاز في واسط، وخريص، وإنتاج الزيت في الشيبة، ومعامل سوائل الغاز في الشيبة، مباركاً جهودهم ومتمنياً لهم التوفيق والنجاح. خريص: آخر الحقول العملاقة اكتشافاً في العالم حقل خريص هو أحد آخر الحقول الكبيرة العملاقة التي تم اكتشافها في العالم كله، كان الهدف الأول من تطوير مشروع حقل خريص هو زيادة إنتاج المملكة من الزيت بمعدل مليون و200 ألف برميل يومياً، وهو ما يساوي مجمل إنتاج بعض الدول الأعضاء في منظمة «أوبك». ولم يكن الغرض من هذه التوسعة هو زيادة القدرة الإنتاجية للمملكة، المصدّر الأكبر للنفط عالمياً فحسب، بل كان الهدف من وراء ذلك تلبية الطلب العالمي المتزايد على النفط، بما يعنيه ذلك من التأكيد على أن المملكة على أهبة الاستعداد للاستجابة لتلك المطالب في الوقت الراهن ولعقود عدة مقبلة، وذلك تماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي تؤكد أهمية تشجيع التنقيب عن الثروات الطبيعية والاستفادة منها. وتم اكتشاف الحقل في 1957، وكان إنتاجه 190 ألف برميل يومياً. وفي 1982 زاد معدل إنتاجه إلى 300 ألف برميل، وقررت «أرامكو» إيقاف العمل في حقل خريص عام 1993، بسبب ضآلة إنتاجه وانخفاض مستوى الضغط فيه ووقوعه في منطقة نائية صعبة. إلا أنه اتُخذ القرار بالمضي قدماً في تنفيذ المشروع في كانون الثاني (يناير) 2005، حين بلغ معدل الاستهلاك العالمي من النفط مستويات غير مسبوقة، وشمل البرنامج ثلاثة حقول هي: خريص، وأبوجفان، ومزاليج. ولإكمال توسعة حقل خريص تطلب الأمر العديد من الإجراءات، ومنها توسعة وتحديث أكبر معامل معالجة مياه البحر، وتركيب أكثر من 1200 كيلومتر خطوط أنابيب توزيع وحقن مياه البحر، وبناء معمل جديد لحقن المياه في خريص وتوسعة أربعة معامل أخرى وغير ذلك. ويبلغ طول حقل خريص 110 كيلومترات، ويغطي ما مساحته 1200 كيلومتر مربع. أما أبوجفان جنوب غربي خريص، فيغطي مساحة 250 كيلومتراً مربعاً، في حين يقع حقل مزاليج، الذي يغطي مساحة 250 كيلومتراً مربعاً، في جنوب شرقي حقل أبوجفان. واسط: يعالج 2.5 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم المشروع الثالث الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو معمل الغاز في واسط، ويقع شمال مدينة الجبيل الصناعية، وهو أحدث معمل للغاز يساعد في تلبية حاجات المملكة من الطاقة، إذ يسهم هذا المعمل العملاق بمفرده في رفع طاقة معالجة الغاز في المملكة بنسبة 20 في المئة. وعلى عكس معامل الغاز الأخرى العائدة لأرامكو السعودية، التي تعالج الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام في الحقول التقليدية، صُممت معامل جديدة، ومن بينها معمل واسط، لمعالجة كميات ضخمة من الغاز غير المصاحب تبلغ 2.5 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، وإنتاج 1.7 بليون قدم مكعبة قياسية من غاز البيع أو الميثان وضخها إلى شبكة الغاز الرئيسة، و4800 طن متري يومياً من الكبريت المذاب التي تقوم بدورها بتوفير إمدادات الغاز الطبيعي إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه التي تلبي حاجات المملكة من الكهرباء والمياه في القطاعين الصناعي والسكني. كما يعالج معمل واسط 250 ألف برميل زيت يومياً لإنتاج أنواع متعددة من اللقيم، مثل الإيثان والبروبان والبوتان والبنزين الطبيعي للقطاع الصناعي للبتروكيماويات. ويسهم هذا المعمل العملاق بمفرده في رفع طاقة معالجة الغاز في المملكة بنسبة 20 في المئة. شيبة: إضافة 250 ألف برميل في اليوم يأتي رابع وخامس المشاريع العملاقة حقل الشيبة، ويعد واحداً من أكبر المشاريع النفطية على مستوى العالم، ويقع على رمال صحراء الربع الخالي، ونفذت «أرامكو السعودية» في الحقل أخيراً مشروعين كبيرين، هما: مشروع توسعة حقل النفط الخام، ويتضمن إنتاج كميات إضافية من النفط الخام العربي الخفيف جداً ذي القيمة العالية بقدر 250 ألف برميل في اليوم، لتصل بذلك الطاقة الإنتاجية إلى مليون برميل في اليوم، لتعادل ضعف طاقة مرافق فرز الغاز عن الزيت المبدئية عندما تم تشغيلها في 1998. وقامت خطة الحفر لهذا المشروع على استراتيجيتين أساستين، أولاهما تختص بتحديد مواقع الآبار في أماكن أكثر عمقاً وبُعداً عن قبة الغاز لتعظيم استخلاص النفط. أما ثاني هاتين الاستراتيجيتين، فهي زيادة متوسط مساحة التماس بين الآبار والمكمن في حقل الشيبة من 6 إلى 10 كيلومترات، ما يعزز بدوره الإنتاج من الأجزاء العميقة والأقل نفاذية في المكمن. كما شمل هذا المشروع توسعة المرافق القائمة في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1، ورقم 3 ورقم 4. ولأن معمل فرز الغاز عن الزيت رقم 4 سيتحمل جزءاً كبيراً من إنتاج الكميات الإضافية من النفط الخام، فقد شهدت هذه المعامل إضافة أربع وحدات لفرز الغاز عن الزيت، وسلسلة من وحدات مناولة النفط الخام الرطب، ومضخات التعبئة والتصريف والنقل، و23 وحدة وسيطة لزيادة ضغط الغاز، و7 وحدات لتجفيف الغاز الطبيعي إلى جانب المرافق الأخرى المرتبطة بها. كما تضمن هذا المعمل إنشاء مرافق إضافية لنقل النفط الخام مع المرافق المرتبطة بها في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1 ورقم 3. وأسهمت هذه التوسعة في تعزيز الطاقة الاستيعابية إلى 4400 مليون قدم مكعبة aقياسية في اليوم من الغاز المصاحب، ما انعكس بدوره إيجاباً في القدرة الإنتاجية من النفط العربي الخفيف جداً في جميع معامل فرز الغاز عن الزيت في الشيبة. ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي، ويشمل مرافق لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الشيبة، متضمناً إنشاء معمل جديد لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي بطاقة معالجة تبلغ 2.4 بليون قدم مكعبة قياسية لاستخلاص ما يعادل 275 ألف برميل في اليوم من سوائل الغاز الطبيعي محتوية الميثان، والعناصر الأثقل من الغاز المُنتَج، وإعادة ضغط وحقن الغاز الخفيف في المكمن. وسيوفر المشروع كميات كبيرة من الإيثان، وهو من أهم أنواع الغاز الذي يساعد في التنمية الصناعية إضافة إلى سوائل الغاز الطبيعي الأخرى. ويشمل المشروع إنشاء مرافق ووحدات لمناولة وتنقية الغاز، وأخرى لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي. منيفة: أكبر مشروع من نوعه في صناعة النفط المشروع الثاني الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين هو حقل «منيفة»، وهو حقل مغمور في المياه السعودية ويقع شمال الجبيل على الخليج العربي، وهو خامس أكبر حقول النفط في العالم، ومن أقدم الحقول في المملكة، واكتُشف في 1957، وتصل مساحة هذا الحقل المكون من ستة مكامن إلى نحو 45 كيلومتراً طولاً و18 كيلومتراً عرضاً، ويقع في المنطقة البحرية تحت مياه ضحلة، يراوح عمقها ما بين متر واحد و15 متراً. وأعيد الإنتاج من هذا الحقل في 10 نيسان (أبريل) 2013، بينما تم إنجازه وتشغيله نهاية 2014. وتصل طاقة حقل منيفة الإنتاجية بعد تطويره إلى 900 ألف برميل من الزيت العربي الثقيل يومياً. ويشكّل مشروع الإنتاج الجديد في منيفة أكبر مشروع من نوعه في صناعة النفط، وسيوفر اللقيم اللازم لمصفاتي التكرير المشتركة (شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات - ساتورب) في الجبيل، و(مصفاة شركة ينبع أرامكو سينوبيك للتكرير – ياسرف) في ينبع، إضافة إلى مصفاة جازان عندما تصبح قيد التشغيل ومصفاة «موتيفا»، وهو مشروع مشترك للتكرير والتسويق في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، والمملوكة مناصفة بين أرامكو السعودية وشركة شل الأميركية. وبدأت قصة تطوير حقل منيفة في 2006 عندما اتخذت شركة أرامكو السعودية قراراً بزيادة طاقتها في إنتاج النفط، وفي 2008، غُرزت أول ركيزة لأطول جسور المشروع في قاع البحر، وأنشئت المرافق الموقتة، إذ تم إنشاء 14 جسراً لتجنب إعاقة الدورة الحيوية للمياه البحرية في خليج منيفة. وأنجزت المرحلة الرئيسة الأولى من مراحل تطوير الحقل في أبريل 2013، إذ شملت إضافة 350 بئراً جديدة تشكل إجمالي عدد الآبار المطلوبة، وتزامن ذلك مع بدء التشغيل التجريبي للحقل ومرافق المعالجة المركزية لإنتاج 500 ألف برميل يومياً. وركز المشروع على المحافظة على التزام الشركة بالجودة، واستهل الإنتاج قبل الموعد المحدد بثلاثة أشهر وبتكاليف تقل عن الموازنة المحددة له.