لم يتردد لحظة في الحديث، بعد أن ضاقت به الدنيا، وفقد الأمل في أي حل بوسعه أن يرفع عنه ولو القليل من الحمل الملقى على عاتقه. فهد وأشقاؤه ال 13 لا مأوى لهم وليس هناك من يعولهم بل يعيشون على بعض هبات المحسنين المتقطعة.يقول فهد: «أجبرتنا الظروف أنا وإخوتي أن نعيش في غرفتين صغيرتين، فنحن 13 نفساً أكبرنا لم يتجاوز (20 عاماً)، وأصغرنا ست سنوات»، مشيراً إلى أن وفاة والدته وشقيقه وسجن والده جلبت لهم الكثير من المتاعب النفسية والأسرية، وكانت بمثابة إعلان عن بدء سيل من المشكلات التي لا نهاية لها. ويضيف: «ضيق ذات اليد جعلتنا محبطين ومنطويين على أنفسنا، فلا أقارب يسألون عنا، على رغم كثرتهم إلا أنهم فضلوا اعتزالنا وتركونا نصارع الحياة التي أصبحت سوداء في وجوه صغار ليس لهم ذنب إلا أنه كتب عليهم أن يعيشوا في فرقة أسرية». مشاعل ذات ال 18 ربيعاً قالت ل «الحياة»: «استسلمنا للظروف الصعبة التي لو مرت على رجل كبير لقصمت ظهره فما بالكم بأطفال صغار فقدوا والدتهم ووالدهم في ظل ظروف غامضة»، مضيفةً أنهم يتزاحمون في منزل أثاثه بالٍ لا يصلح للاستخدام الآدمي، ولكن أجبرتنا ظروفنا على الصبر. وبصوت باكٍ تضيف: «لا قائد لنا في هذا المنزل، بل الصراع بيننا هو المسيطر، حرمنا من فرحة العيد، التي لم نستمتع بها مثل بقية أقراننا، فقد كتب علينا الشقاء والتعب». تتوقف قليلاً لتكمل حديثها بحشرجة: «أقسم أنني أفكر أن أعمل خادمة في البيوت حتى أسعد إخواني لنعيش حياة كريمة، ولكن تخلي كثير من الأهل عنا جعلنا نعيش في دوامة يصعب الخروج منها، إلا بمساعدة القادرين من أهل الخير». مؤكدة أنها أجهدت نفسياً وجسدياً من استمرار هذا الوضع المأساوي. الأخت الكبرى تعيش بين نظرات أشقائها الذين ينتظرون منها أن تساعدهم على تجاوز عوزهم، وبين إكمال دراستها التي تخشى أن تتوقف نتيجة عدم قبولها لضياع بعض الأوراق الرسمية. وتتمنى من أهل الخير مد يد العون لها وإنقاذها وإخوتها من الجوع والخوف واليتم. وعلى رغم سوء حالتهم النفسية وشعورهم باكتئاب طوق حياتهم وكبلها، كونهم صغاراً وبلا أب أو أم، والأمر الأصعب هو سجن رب الأسرة ووفاة الأم ووفاة شقيقهم، إلا أنهم لم ييأسوا، فقد حاولوا طرق الأبواب الأخرى، وفي مقدمها الجمعيات الخيرية التي قابلتهم بالرفض، ولم تأتيهم مساعدة إلا من وزارة الشؤون الاجتماعية وهي مساعدة مقطوعة ومرة واحدة في العام - على حد قولهم -.