كرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس القول إنه راغب في مواصلة المفاوضات مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وأن جهوداً تُبذل في هذا الاتجاه. وأفاد بيان صادر عن مكتبه بُعيد لقائه المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل ان نتانياهو أكد في مستهل الاجتماع أنه في صدد «مهمة سلمية، ونحن نبذل جهوداً مشتركة مع ميتشل لنواصل إجراء المفاوضات مع ابو مازن، نحن راغبون بمواصلة المفاوضات، وأنا أريد ذلك». وعقد الاجتماع، وهو الثاني بين نتانياهو وميتشل خلال أقل من 48 ساعة، في ظل تقارير صحافية متطابقة عن «غضب أميركي شديد» على نتانياهو لرفضه مقترحات الرئيس باراك اوباما السخية في مقابل تمديد فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية لمدة شهرين. ونقلت الصحف في عناوينها الرئيسة أمس عن موظفين أميركيين كبار «خيبة أملهم من سلوك نتانياهو» ورفضه «رسالة الضمانات» التي اقترحها اوباما لإسرائيل في مقابل تجميد الاستيطان. كما نقلت عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى استهجانهم موقف نتانياهو بداعي أن الضمانات التي اقترحها الرئيس الأميركي «نادرة وغير مسبوقة في سخائها». وكان معهد «واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» سرّب ان اوباما بعث الى نتانياهو برسالة يؤكد فيها أنه في حال موافقة إسرائيل على تمديد تجميد الاستيطان مدة شهرين، فإن واشنطن لن تطالب بتجديد آخر وستدعو إلى شمل هذه المسألة ضمن قضايا الحل الدائم التي تبحث على طاولة المفاوضات، كما ستكافئ إسرائيل بتسليمها أسلحة متطورة، وستوافق على طلبها وضع ترتيبات أمنية مريحة لها، خصوصاً على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية من خلال الموافقة على بقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن حتى بعد قيام الدولة الفلسطينية، وغيرها من ضمانات طمأنة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن «الشعور في واشنطن، بدءاً بالرئيس اوباما وحتى آخر الموظفين في البيت الأبيض هو أن نتانياهو ليس جاداً». وقال أحد المسؤولين إن الإدارة الأميركية لم تعد تقبل بذريعة نتانياهو أن ضغوطاً سياسية داخلية في حكومته تحول دون موافقته. ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي اوروبي كبير التقى مسؤولين أميركيين أخيراً قوله إن «نتانياهو يهين الرئيس الأميركي شخصياً، والأميركيون لا يفهمون كيف لا تقوم حليفتهم الأكبر في المنطقة بالتعاون معهم». من جهتها، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إنهم يواجهون صعوبة في تفسير رفض نتانياهو العرض الأميركي السخيّ. وقال أحدهم للصحيفة إن «نتانياهو يسير بأعين مفتوحة نحو طريق مسدود». وأضاف: «صحيح أن اوباما لن يتطرق بصورة صريحة إلى هذا الرفض قبل موعد الانتخابات النصفية للكونغرس الشهر المقبل، لكن بعد الانتخابات لا بد أننا سنشعر تداعيات الإهانة والغضب الأميركيين نتيجة رفض إسرائيل ضمانات أميركية غير مسبوقة وبعيدة المدى». وتابعت الصحيفة أن 11 عضواً يهودياً في الكونغرس أصيبوا هم أيضاً بصدمة كبيرة لدى سماعهم من مستشار الرئيس الأميركي دنيس روس تفاصيل رسالة الضمانات، برفض نتانياهو لها. ونقلت عن عضو بارز في الكونغرس قوله إن «من كتب رسالة الضمانات يبدو كمن فقد صوابه ... إذا كان الرئيس اوباما مستعداً لتقديم مثل هذه الضمانات في مقابل تجميد البناء ل 60 يوماً، فماذا سيقدم لإسرائيل في حال التوصل إلى اتفاق سلام شامل؟ هل سيعطيها بورث نوكس؟». ووفقاً لتقارير الصحف العبرية، فإن وزير الدفاع ايهود باراك الذي كان ومستشار رئيس الحكومة الخاص إسحاق مولخو الطرف الإسرائيلي المفاوض مع الأميركيين لبلورة رسالة الضمانات، يبذل جهوداً كبيرة لإقناع نتانياهو بعدم رفض الاقتراح الأميركي باعتباره غير مسبوق بتوجهه الايجابي نحو إسرائيل على الصعيدين الأمني والسياسي. وذكرت صحيفة «معاريف» أن بعض الوزراء يمارس ضغوطاً على نتانياهو ليعرض الرسالة الأميركية على أعضاء المنتدى الوزاري السباعي قبل إعطاء رد إسرائيلي رسمي لواشنطن. وقال أحد الوزراء للصحيفة إنه ينبغي على رئيس الحكومة إشراك الهيئة الحكومية بمضمون الرسالة «وأن لا يرفض الاقتراحات الأميركية البعيدة المدى بمفرده».