قدر مختصون في علم النفس نسبة تفشي الإصابة بمرض «الرهاب الاجتماعي» في أوساط المجتمع السعودي بخمسة في المئة، في حين أشار البعض إلى وصول معدلها إلى 15 في المئة، خصوصاً بين أفراد العنصر النسائي. وقال استشاري الطب النفسي الدكتور محمد حماد ل «الحياة»: «إن مرض الرهاب الاجتماعي أصبح ظاهرة في العالم، بيد أن معدل نسبته في السعودية أعلى بقليل من غيرها»، مشيراً إلى أن متطلبات الحياة الاجتماعية لدينا وتعقيداتها سبب رئيس في الإصابة بهذا النوع من المرض. وأضاف: «كلما كانت الأمور الاجتماعية معقدة، كانت هناك صعوبة في ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية كقضايا الخجل والقلق الاجتماعي والإحساس بالاضطراب في المناسبات الاجتماعية، لذا فإن نسبة الرهاب الاجتماعي في المجتمع السعودي تتأرجح بين ثلاثة إلى خمسة في المئة تقريبا». وفي هذا السياق، أوضح الحماد أن أسباب الرهاب الاجتماعي تكون تربوية ووراثية جينية، وأن للعنف الأسري غير المتعارف عليه دوراً كبيراً في الإصابة به، مبيناً أن العنف المقصود في هذا الجانب يتمثل في سوء معاملة الوالدين للأبناء وسوء تربيتهم، كما يدخل فيه ممارسات المعلمين لطلابهم كالتوبيخ المستمر لهم أمام زملائهم ما يؤدي إلى اهتزاز الصورة الداخلية للطالب وبالتالي يسوء أداؤه أمام الناس إذ تتولد لديه معاناة مع الخجل ونوع من القلق. ومن الناحية المقابلة، (الحلول التي تحد من ظاهرة الإصابة بالرهاب الاجتماعي)، أبان أنها تكون بإحدى طريقتين، الأولى أن تكون بعرضه على طبيب نفسي في حال شخصت حاله وثبتت عليه الأعراض (كالخجل وعدم القدرة على إلقاء كلمة أمام الناس)، وهنا يكون العلاج «دوائياً» تصرف فيه للمريض الأدوية التي تقوي من ثقته بنفسه (وهي أدوية لا يوجد بها إدمان أو مهدئات)، أما الحل الثاني فهو علاج سلوكي يخضع فيه المريض إلى جلسات أو دورات تدريبية مع طبيب نفسي قد تصل إلى 12 جلسة (فرديه أو جماعية) لرفع مستوى قدراته و مهاراته الاجتماعية ورفع ثقته بنفسه وتعديل الأفكار الخاطئة. من ناحيته، كشف استشاري الطب النفسي في مستشفى الحرس الوطني في الرياض الدكتور جمال الطويرقي ل «الحياة» تراوح نسبة المصابين عموماً بالرهاب الاجتماعي بين 10 إلى 15 في المئة. وفيما عدد أسباباً عدة نفسية للإصابة بهذا الداء، أكد أن من بين الأسباب ما هو وراثي، مشيراً إلى أنه يظهر في كثير من الأحيان لدى الأطفال نتيجة لمحفزات أثناء موقف اجتماعي معين بين أصدقائه سواء في المدرسة أو في الأسرة في حال قيلت له أبسط العبارات ككلمة «أنت كذاب». وعلى خلاف ما أوضحه الدكتور الحماد، استبعد الدكتور الطويرقي العنف الأسري من قائمة المسببات للرهاب الاجتماعي، مشيراً إلى أنه قد يظهره لكنه ليس سبباً مباشراً. ولفت الطويرقي إلى أن الحلول من المرض تكون على شقين، أحدهما بالعقاقير التي لها دور فعال جداً في الشفاء منه، وتتراوح فترات الاستشفاء من طريقها ما بين ستة إلى تسعة أشهر. في حين أشار إلى أن العلاج بالعقاقير ليس كافياً، إذ أكد أنه لا بد من مراعاة الشق الثاني في العلاج الذي يشمل العلاج النفسي المعزز للثقة بالنفس والتنفيذ والتدريب على الإلقاء والكلام أمام مجموعات من الناس كأنه يمثل على مسرح، إلى جانب تحفيز المريض على إلقاء كلمات في المدرسة وإعطائه مساحة أكبر في الإجابة عن كثير الأسئلة. وكشف الطويرقي إصابة 75 في المئة من المطربين بالمرض، لذلك نجد أن بعضهم يدمن تناول الخمر أو المخدرات، إذ إنهم يعانون من اكتئاب، كما أن البعض من هؤلاء الناس يلقبون بالمدمنين نتيجة إدمانهم أدوية معينة تصرف لهم بغية مساعدتهم على تجاوز ما يواجهون، وفي واقع الحال لا يكونون مدمنين بالمعنى الذي يتخيله الناس ولكن يصبح مدمناً ليستطيع التجاوب مع الناس ويتقبل فكرة اختلاطه بالمجتمع. ونوه إلى أن الدورات التدريبية وحدها لا تفيد بشكل نهائي في حال وجود المرض إذ لا بد أن يتخلص المريض أولاً من الخوف من مواجهة الناس ومن ثم إخضاعه لمرحلة المعالجة، موضحاً أن الدورات التدريبية عامل مساعد وليست علاجاً باتاً على رغم أنها مثبتة علمياً، كاشفاً إجراءهم كمختصين أربعة أنواع لمجموعات، حوت الأولى على عقاقير فقط والثانية جلسات في العلاج السلوكي، وشملت الثالثة العقاقير مع العلاج السلوكي، أما الرابعة فخصصت للعلاج الإيحائي، تبيّن أن جلسة العقاقير والعلاج السلوكي (الثالثة) كانت الأفضل بين الانواع الأربعة.