شددت دراسة حديثة على أهمية تفعيل المرونة في قوانين العمل ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة، مشيرة إلى أن البلدان في جميع أنحاء العالم لا تسعى فقط إلى إنعاش نموها ولكنها تسعى أيضاً إلى تعديل أطرها التنظيمية لتعزيز قدرتها على التكيف مع الصدمات الاقتصادية في المستقبل. وقال شركة بوز أند كومباني للاستشارات الإدارية في دراسة عن قوانين العمل الخليجية، إنه يمكن لإصلاحات سوق العمل والتوجه نحو المزيد من المرونة أن يساعدا بشكل كبير في استيعاب وتخفيف آثار التقلبات الاقتصادية، مشيرة إلى أنه في دول مجلس التعاون الخليجي بلغ معدل العمالة من مجمل عدد السكان 50 في المئة، كما أنها تعاني من بطالة عالية، خصوصاً بين الشباب المواطنين. وأكدت أن اعتماد العمالة المرنة يمكن أن يعالج مشكلات العمل الحالية، ويُمكن أن يساعد على التحضير لاضطرابات اقتصادية في المستقبل لا يمكن التنبؤ بها، لافتة إلى أن الأزمة العالمية الأخيرة أوضحت أن الدور الحاسم ليس للتنظيمات الاقتصادية والمالية السليمة فحسب، وإنما للقواعد والممارسات في سوق العمل أيضاً. وأوضحت أنه على رغم أن قوانين العمل في دول مجلس التعاون الخليجي توفّر مرونة كبيرة لأرباب العمل، فإنها تغفل تنظيم ترتيبات العمل بدوام جزئي أو موقت، الأمر الذي يجعل عقوداً من هذا النوع صعبة ومكلفة أو غير عملية، وتؤدي هذه الثغرة إلى إعاقة التنافسية الاقتصادية للمنطقة في ثلاثة مجالات أساسية: معدل مشاركة العمالة، معدل تشغيل العمالة، ورشاقة الشركات عموماً. ورأت أن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع أن تعالج هذه المسائل جزئياً عبر اعتماد قوانين وسياسات جديدة تعزز ترتيبات العمل المرن، كما تعمل هذه الدول في الوقت نفسه على تعزيز مرونتها الاقتصادية في مواجهة أي ركود مستقبلي. وأشارت إلى أن العمل المرن يحقق ثلاث فوائد رئيسية للاقتصاد الكلي هي: زيادة المشاركة الإجمالية للعمالة، خفض البطالة، زيادة رشاقة الأعمال بوجه عام. وبالنسبة لزيادة مشاركة العمالة، قال شكر الله حداد الشريك في بوز أند كومباني: «في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يبلغ معدّل مشاركة القوى العاملة بالنسبة لعدد السكان نحو 50 في المئة يمكن لأربعة قطاعات سكانية رئيسية الاستفادة من ترتيبات العمل المرن: المواطنون الملازمون لمنازلهم، زوجات العمال الوافدين، الطلاب، والمتقاعدون». وقال إن مشاركة القوى العاملة النسائية في دول مجلس التعاون الخليجي هي من الأدنى في العالم: «تبلغ معدلات عمل النساء المواطنات في السعودية والإمارات وقطر 12 في المئة و28 في المئة و35 في المئة، على التوالي». من ناحيته، قال منصف كلوش المدير الأول في شركة بوز أند كومباني، إن الغالبية العظمى من الطلاب في دول مجلس التعاون الخليجي لا تستطيع الجمع بين الدراسة والعمل بدوام كامل، ولكن ترتيبات العمل المرن قد تكون جذابة لهم، في حين يملك المتقاعدون في أحيان كثيرة مهارات حديثة وخبرات يطلبها أرباب العمل، ولكن قواعد العمل في دول مجلس التعاون الخليجي تحد من قدرتهم على العمل بعد التقاعد. ولفت كلوش إلى أن حصة الشباب من البطالة بين المواطنين في المنطقة عالية بشكل غير متناسب، ففي العام 2008 كان 46 في المئة من العاطلين عن العمل في السعودية من الشباب، في حين أنهم يشكلون 12 في المئة فقط من مجموع القوى العاملة، و في قطر 62 في المئة، وفي الإمارات 40 في المئة من العاطلين عن العمل هم من الشباب، ونظراً لاقتراب حصول طفرة في أعداد الشباب من سكان دول مجلس التعاون الخليجي، وانخفاض حجم القطاع العام (المصدر الثابت للعمل للكثير من الذين كانوا يدخلون سوق العمل في الماضي)، فإن التحدي المتمثل في إيجاد عمل للشباب يجب أن يكون في رأس برامج السياسات العامة. واختتمت الشركة الدراسة بالتأكيد على أن وضع إطار قانوني شامل للعمل المرن في دول مجلس التعاون الخليجي سيحسن فعالية أسواق العمل، عن طريق تحفيز مشاركة أكبر من العمال المنتمين إلى الفئات الأقل حضوراً، الأمر الذي يسهم في الحد من البطالة، وتتطلب هذه العملية تحليلاً معمّقاً لقوانين العمل السارية للتأكد من أن الإصلاحات ستخلق حوافز كافية لكل من أرباب العمل والموظفين المحتملين للانخراط في ترتيبات العمل المرن.