المتابع لقطاع التعليم في البلد المعطاء، يجد أن بفضل الله ثم بفضل القائمين عليه يتقدم بشكل مستمر في كل المجالات، حتى إن هذا التغيير شمل اسم الوزارة، فتم تبديل اسمها من وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، هذا إلى جانب المتابعة الجادة لتقويم المناهج وتطويرها حتى تساير متغيرات الحياة ومستلزماتها. إلا أن هذا التطوير ومع الأسف الشديد صاحبه ومنذ سنوات قليلة اختراع اختبار قياس المعلومات، الذي أساء إلى تلك الجهود وخلق بعبعاً يطارد الطلاب في مستقبلهم ويقض مضاجعهم. ومع مرور الأيام تطور القياس فخلقت له كتب مخصصة ودورات تعد له وتدرسه، ما أشغل الطلاب في البحث عن مخرج من هذا الأخطبوط الذي أخذ يتسع حتى خشي أن يقضي على قطاع التعليم كله بفضل توسع جداوله وأنهاره التي تخدمه. ومن دون مبالغة أقول إن اختبار القياس تحول إلى امبراطورية لوحده، إلى درجة أن هناك من ظن أن الكليات والمدارس الثانوية ستهمش شهاداتها الصادرة منها، وسيكتفى بدورة في رصد مستوى قدرات الطلاب والراغبين في العمل. ترى هل من المنطق أن تقضي نتائج القياس على جهد سنوات طويلة بذل خلالها الطلاب وأسرهم الكثير من المال والجهد؟ وهل من المقبول أن نقضي على مستقبل الراغبين في العمل أو مواصلة دراستهم في الجامعات لمجرد اختبارات قياسية تحددها ساعة أو ساعتان؟ لا شك لدي ولدى العقلاء أن تلك المدة القصيرة جداً لن تستطيع الإحاطة بمستوى الطالب، فكيف بمعلوماته، كما أنني على يقين بأن من وضعوها لن يقبلوا بأن يتم الحكم على مستوياتهم وشهاداتهم بهذه الطريقة الغريبة، لعدم قناعتهم بنتائجها. من هنا يحق للمضطرين إليها رفضها وإعلان أنها صممت لأهداف خاصة، وبحكم أنني معنية بهذه الاختبارات فقد اضطررت للتواصل مع العالم التعليمي العادي أو المتطور، فلم أجد من سبقنا إلى هذه الاجتهادات التي ليست في مكانها بحكم أنها صنعت الإحباط وبنت العقبات في وجه الطاقات المقبلة على العمل أو الراغبين في مواصلة دراستهم، كما أنها عديمة المنهج ولا تحفز المضطرين إليها أو تدفعهم إلى الأمام. لذا أقترح إلغاء القياس بعد قياس سلبياته الكبيرة التي انعكست على جهود هذه الطاقات الحالمة وأثرت في نفسياتها وأصبحت تبحث لها عن مخارج قد تكون وبالاً عليها، ولست ضمن الباحثين عن دوافع القياس وجدواه لإدراكي بأن الرسالة وصلت إلى المسؤولين وسيعالجون الأمور قبل تفاقمها إذا كان يهمهم مستقبل شباب مجتمعهم قبل الاجتهادات المتعبة أو المنافع الخاصة.