يحلم نازحون من معلولا التي تركت المعارك آثارها المدمرة على منازلها ومعالمها، بالعودة الى بلدتهم الأثرية شمال دمشق، بعد استعادة القوات النظامية السورية السيطرة عليها هذا الاسبوع. ويبدي النازحون من هذه البلدة المسيحية، والذين يقيمون حاليا في دمشق، رغبة في تمضية عيد الفصح الذي يصادف نهاية الاسبوع، في بلدتهم، الا انهم يقرون بصعوبة ذلك حاليا. وكانت القوات النظامية، مدعومة بعناصر "حزب الله"، سيطرت الاثنين الماضي على البلدة الواقعة على مسافة 55 كلم الى الشمال من دمشق، لكن البلدة اشبه بمدينة اشباح حيث لا ماء ولا كهرباء. وفي احد ازقة حي باب توما الدمشقي، يقول فادي ميال (42 عاما): "في دمشق، العلاقات الاجتماعية والحياة تختلف عن معلولا حيث الجميع يعرفون بعضهم البعض. اما هنا (في العاصمة)، فلا يوجد الكثير من فرص العمل حاليا بسبب الازمة" التي تعصف بالبلاد منذ منتصف آذار (مارس) 2011. ويؤكد هذا الرجل الذي عمل كمتعهد في مجال البناء، انه شاهد في شريط مصور بث على موقع "يوتيوب"، منزله في معلولا يحترق. واضاف ان المقاتلين المعارضين الذين كانوا يسيطرون على البلدة، اقدموا على ذلك لانه كان يرفع في داخل المنزل صورة للرئيس السوري بشار الاسد. وتعد معلولا التي تعرف بأديرتها ومغاورها المحفورة في الجبال الصخرية المحيطة بها، من اقدم البلدات المسيحية. وهي الوحيدة في العالم التي ما زال سكانها، وغالبيتهم من الكاثوليك، ينطقون بالآرامية، لغة المسيح. وتعرب انطوانيت نصرالله عن "فرحتها العارمة" بسيطرة القوات السورية على البلدة، مبدية في الوقت نفسه حزنها "بسبب الدمار الذي تعرضت له الكنائس" في البلدة. وتضيف هذه السيدة البالغة من العمر 35 عاماً "نريد ان نمضي الصيف المقبل في البلدة"، مشيرة الى ان "الاحتفال بعيد الصليب في معلولا في 14 ايلول (سبتمبر) بات اشبه بالحلم". وتتابع "اتمنى من كل قلبي ان يعود الوضع الى سابق عهده. نخشى ان ننسى الآرامية. لا نعرف متى يمكننا العودة الى منازلنا". ويؤكد دياب بخيت، وهو صاحب مهنة حرة يبلغ من العمر 62 عاما، ان "المنازل دمرت، وبعضها احرق". ورأى مراسل لوكالة "فرانس برس" دخل معلولا الاثنين، آثارا للمعارك في العديد من المنازل والكنائس. وشاهد آثار القذائف على جدران دير مار سركيس وباخوس، في حين تعرضت بعض الايقونات ومحتويات الدير للبعثرة. وكانت البلدة التي قارب عدد سكانها الخمسة آلاف شخص، قبلة للسياحة الدينية لمسيحيي الشرق الاوسط، لا سيما اثناء احتفالات عيد الصليب. الا ان هذه الاحتفالات التقليدية غابت عن البلدة هذا الصيف، بعد سيطرة مقاتلين معارضين بينهم اسلاميون متشددون عليها في التاسع من ايلول (سبتمبر). وتمكنت القوات النظامية بعد ايام من استعادة البلدة، ليعود مقاتلو المعارضة ويسيطرون عليها بشكل كامل في كانون الاول (ديسمبر). ودفعت هذه الحوادث كل سكان البلدة للنزوح عنها.