ظل موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان طاغياً على المشهد السياسي اللبناني والمواقف الخارجية أمس أيضاً فيما واصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان لقاءاته في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة فشدد بعد اجتماعه الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أهمية التعاون بين قوات «يونيفيل» وبين الجيش اللبناني والحفاظ على الهدوء في جنوب لبنان ومواصلة تطبيق القرار الدولي الرقم 1701. ودخل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بقوة على السجال الدائر بين «حزب الله» وحلفائه من جهة وتيار «المستقبل» وحلفائه من جهة أخرى على المحكمة الدولية والشهود الزور والقرار الظني المنتظر صدوره بعد أن كان ترك خلال الأسبوعين الماضيين الرد على مواقف الحزب ضد المحكمة، فاعتبر أن «محاولة إيقاف المحكمة هي بحد ذاتها جريمة أكبر من كل الجرائم التي ارتكبت حتى الآن»، ورأى أن إسقاط المحكمة الدولية باتت هدفاً ملحقاً بهدف أكبر هو رأس الدولة بل رأس الجمهورية. وجاء كلام جعجع في خلال المهرجان الحاشد بالآلاف، الذي أقامه حزب «القوات» لمناسبة القداس السنوي «لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية» في مدينة جونية، وسط حضور شعبي لافت وسياسي شمل معظم نواب تيار «المستقبل» ووزرائه وقادة قوى 14 آذار يتقدمهم الرئيس السابق أمين الجميل. وحصل الاحتفال بعدما كان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون التقى الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق يرافقه وزير الطاقة جبران باسيل للبحث في «الجهود المبذولة لإنهاء التوتر بين مختلف الأطراف على الساحة اللبنانية». وغادر رئيس الحكومة سعد الحريري بيروت بعد ظهر أمس الى مدينة جدة في زيارة خاصة وسط تكهنات عن أن الأسبوع المقبل قد يشهد زيارة جديدة الى دمشق. ومثله في احتفال «القوات» وزير البيئة محمد رحال فيما بعث كل من الرئيس سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري إكليلاً من الزهر. وكان نواب من كتلة «المستقبل» ردوا على تصريحات للنائب في «حزب الله» نواف الموسوي قال فيها إن «أي مجموعة قد تلتزم القرار الظني سيتم التعاطي معها أنها من أدوات الغزو الأميركي – الإسرائيلي وعلى هؤلاء ألا يقلقوا فقط بل عليهم أن يكونوا مذعورين». واعتبر النائب عمار حوري أن كلام الموسوي «تهويل يائس». وقال جعجع في خطابه عصرا، بحضور عدد من السفراء العرب: «الإنقلابيون على الأبواب لكن الأبواب هذه المرة ليست مشرعة بوجود حكومة جوهرها سيادي ورئيسها سيادي. وقضاء وجيش وقوى أمن ساهرة على الدولة، لن نترك الجمهورية تسقط». وأضاف: «لا يخطئن أحد الحساب فالشعب اللبناني الذي هبّ في 14 آذار عام 2005 توقاً لفجر جديد مستعد اليوم ل14 «14 آذار» كي لا تهوي الجمهورية من جديد. وهاجم جعجع مواقف «حزب الله» وحلفائه من دون تسميته قائلاً: «ما أن سنحت الفرصة أمام اللبنانيين لتحقيق جدي في الاغتيالات السياسية خلافاً للسابق حتى هبّوا بكل أطيافهم معارضين ومستنكرين متوسلين كل الأساليب في محاولة منهم لإسقاط المحكمة وتفويت فرصة تاريخية لحل مأساة الاغتيالات السياسية». ووجه جعجع جزءاً من خطابه الى جمهور «التيار الوطني الحر» داعياً القوى المسيحية كافة الى الالتفاف حول الدولة. واستعاد فقرات من الكتاب البرتقالي للتيار الحر الصادر العام 2005 حول مقاومة ثقافة الموت وعن أن العمل المسلح ل «حزب الله» خلق أزمة على الصعيدين الوطني والدولي وعن تطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف بتجريد الميليشيات من أسلحتها، ودعا الشابات والشبان في التيار الحر الى «العودة الى المبادئ السياسية التي قام عليها التيار مما يجعلنا نلتقي فوراً ونبدأ يوماً جديداً من دون حساسيات بدل التلهي بالماضي وترهاته». وقال جعجع: «جوابنا على خيار المحكمة أو السلم الأهلي هو المحكمة والسلم الأهلي معاً». وكان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان قال إن «المحكمة الدولية لا يمكن أن تكون مسيّسة». على صعيد آخر، استمر نبأ انفتاح السفارة المصرية في بيروت على «حزب الله» بعد الإعلان أول من أمس عن اجتماع القنصل العام المصري فيها أحمد حلمي الى مسؤول العلاقات العربية في الحزب الشيخ حسن عز الدين في التفاعل فأبلغ عز الدين تلفزيون «أن بي أن»، انفتاح الحزب على جميع الدول العربية، وهذا من ثوابت سياستنا حتى مع مصر. وذكّر بأنه سبق أن اجتمع أواخر العام 2008 مع نائب مدير المخابرات المصرية عمر قناوي حين زار لبنان حيث كان اللقاء إيجابياً وأكد أن مصر على مسافة واحدة من الجميع واتفقنا على متابعة التواصل لكن حصلت بعدها عملية توقيف العضو في الحزب سامي شهاب في مصر وحصل ما حصل وتجمدت عملية الانفتاح ثم جدد الجانب المصري الرغبة الآن. وأوضح أن لقاءه مع القنصل حلمي كان إيجابياً. وعلمت»الحياة» أن هذا هو اللقاء الثالث بين القنصل المصري وعز الدين، إذ أن لقاءين سابقين عقدا الأول قبل شهر رمضان، والثاني قبل اسبوعين وكان بعيداً من الأضواء، وتبعهما تواصل بالهاتف، الى أن عقد اللقاء الثالث أول من أمس وتم تظهيره للإعلام بناء لرغبة الجانب المصري. وأوضح عز الدين «أننا لم نقدم على قطيعة مع مصر ويبدو أن الأخوة في مصر لديهم رغبة بإعادة فتح العلاقة واستعادة الثقة لتجاوز الكثير من العقبات وهذا لا يعني على المستوى السياسي تطابقاً، لا سيما في الموضوع الفلسطيني أو التسوية أو المحكمة الدولية وشهود الزور».