أضحى اعتقال عدد من المواطنين في غزة، وبينهم طبيبان احدهما شخصية معروفة، من قبل أجهزة الأمن التابعة لحكومة «حماس» المقالة، مادة دسمة للإشاعات التي تنتشر كالنار في الهشيم في طول القطاع وعرضه. وبات اسم معاوية حسنين، أحد الطبيبين، يتردد على ألسنة معظم السكان، وأصبحت القصص الأقرب الى الخيال منها الى الواقع، تُنسج ويتم تداولها على أنها حقائق، في ظل صمت حكومة الحركة الاسلامية. وعلى رغم أن غالبية سكان القطاع، إضافة إلى النخب السياسية والثقافية والاجتماعية تطالب الحكومة بوضع حد للإشاعات وحال الهوس الأمني التي تجتاح الشارع الغزي منذ أسابيع، إلا أن الحكومة بقيت على صمتها. وبعد وعود متكررة من قبل الناطق باسم وزارة داخية «حماس» إيهاب الغصين بعقد مؤتمر صحافي لتوضيح الأمور في ملف العملاء والمتعاونين مع اسرائيل، اقتصر الأمر على نشر توضيح فقط. وعلمت «الحياة» أن الوزارة صرفت النظر عن المؤتمر الصحافي ولن تعقده أبداً، على رغم أن الوعد الأخير بعقده قطع اول من أمس. ولم يقلل توضيح الوزارة حول الإشاعات في قضية العملاء والمعتقلين على خلفية التخابر مع أجهزة الأمن الإسرائيلية من حدة المخاوف لدى الغزيين من أن تطاولهم الإشاعات، خصوصاً أنها طاولت شخصيات اعتبارية وتم نشر أسماء أشخاص معروفين وعائلاتهم بوطنيتهم، على أنهم «عملاء». وبات كثير من المواطنين والعائلات يخشون أن تُنشر أسماؤهم على مواقع على الشبكة العنكبوتية من قبل مغرضين أو حتى من قبل اسرائيل أو عملائها الحقيقيين المنتشرين في الضفة الغربية والقطاع. وفسر مواطنون صمت الحكومة المقالة على الاشاعات وانتشارها باحتمال أن يكون ناجماً عن ارتباك وعجز عن التصرف في شكل صحيح، أو عن رغبة في ترهيب المجتمع في اطار سعي الحركة الى إحكام السيطرة التامة على القطاع، تمهيداً للانتقال الى تنفيذ المرحلة التالية من مشروعها الإسلامي. لكن وزارة الداخلية تنفي ضمناً هذا الاحتمال، وتؤكد أنها «تتابع باهتمام بالغ حملة الإشاعات المتجددة ضد شعبنا الفلسطيني المرابط، ومحاولات الطابور الخامس نشر الأكاذيب والأراجيف وتوزيع التهم زوراً وبهتاناً على المواطنين ومن دون وجه حق». وشددت الوزارة على أن إصدارها بيانها التوضيحي يأتي «من باب الحرص ومراعاة لمصالح الشعب». وقالت إن «اعتقال أي مواطن على خلفية قضايا جنائية أو أمنية يتم وفق معلومات رسمية، وإجراءات قانونية واضحة، ولا يمكن توجيه لائحة اتهام لأي مواطن إلا بعد أن تتحقق ضده الأدلة والبراهين بحسب نصوص القانون الفلسطيني». وشددت على أن «أي شخص تثبت عليه قضايا وتهم جنائية أو أمنية يتحمل بنفسه المسؤولية، ولا يمثل عائلته ولا فصيله، ولا يسيء لعائلته، فكل عائلات الشعب الفلسطيني مضحية ومجاهدة وصابرة وذات أصول عريقة لا يخدشها سلوك فردي ذاتي لشخص هنا أو هناك». وأكدت أنه «سيتم التعامل مع كل الذين ثبتت عليهم إدانات أو تهم محددة وفق إجراءات النيابة والقضاء والمحاكم القانونية». وحذرت شرائح المجتمع كافة من «تلقي المعلومات من المواقع الدعائية الصفراء المعادية التي تعمل في شكل سري وأمني»، في اشارة الى عدد من المواقع الاخبارية التابعة لحركة «فتح». ووصفت الاشاعات التي تملأ سماء القطاع حالياً بأنها «باطلة وكاذبة ومهوّلة»، كما حذرت من «محاولات الاحتلال، وكذلك أطراف من حركة فتح خلط الأوراق في الإعلام بنشر الإشاعات وتوزيع التهم على الشعب الفلسطيني ورموزه بغرض التعتيم على أزلامهم، والتغطية على بعض رموزهم الذين وقعوا في وحل الخيانة». ودعت الى «الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية والمعلومة، وأي معلومة لا تصدر عن وزارة الداخلية أو أي جهة حكومية رسمية واضحة المعالم هي غير واقعية ولا تعبر عن الحقيقة، ونطالب بلفظها ومحاربتها».