بدأ رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري أمس، استشارات نيابية غير الملزمة في المجلس النيابي تستمر حتى اليوم، تمهيداً لتشكيل حكومة العهد الأولى. وتمحورت مطالب من التقاهم الحريري حول قضايا تلامس الواقع المعيشي للمواطنين وتردي الخدمات، وحل أزماتهم الحياتية، والتمني بأن تكون الحكومة وازنة وفاعلة، وانصباب الجهد على معالجة الوضع الاقتصادي للنهوض به، اضافة الى تشكيلة الحكومة، وإدارتها، وضرورة الإسراع في تأليفها وأن تكون حكومة وحدة وطنية جامعة ومنسجمة وتعبر عن شراكة حقيقية. وافتتح اليوم الأول من الاستشارات، بعقد الحريري خلوة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تلاها اللقاء الرسمي بين الحريري وبري في الصالون النيابي ودام ربع ساعة. وعلمت «الحياة» ان بري ركز على أولوية الاهتمام بالأمور المعيشية وخصوصاً الكهرباء والمياه والخدمات الصحية وتأمين فرص عمل وإيجاد أسواق لتصريف الانتاج الزراعي الذي تراجع بفعل اقفال الحدود وتفعيل أجهزة الرقابة، إضافة الى قانون انتخاب وصحة التمثيل وتم التفاهم على عدم التأجيل وإجراء الانتخابات في موعدها. أما رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام، فرأى أن الحريري الذي «تمكن بجدارة وكفاءة من انجاز استحقاق مفصلي لجهة انتخاب رئيس للجمهورية، لن يعجز عن مواجهة تأليف الحكومة، فالأمور تتكامل مع بعضها بعضاً». وأشار إلى أن «الأجواء في البلد متفائلة ومرتاحة وإيجابية وكذلك خلال للقاء ونأمل بأن تمضي الأمور بالشكل الصحيح وتكون لنا حكومة قريباً». وأكد سلام أن «تأليف الحكومات ليس بالأمر السهل وهناك اعتبارات عدة، لكن ما دامت النية موجودة والجميع مهتمون بانطلاقة واعدة فإن شاء الله لن تكون الحكومة بعيدة». وتابع: «منذ توليه المسؤولية إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري والعلاقة وثيقة وقوية بيني وبينه، وهذا الأمر سنستكمله اينما تدعو الحاجة، عهد جديد وللحريري دور كبير فيه وندعمه». وقال الرئيس فؤاد السنيورة: «هنأنا الرئيس الحريري على الثقة التي حصل عليها والتي تعبّر عن آمال اللبنانيين في تأليف الحكومة»، آملاً بأن «تكون الحكومة قادرة على تولي المسؤولية على القدر الذي يتوقعه اللبنانيون». وأضاف: «وصلنا إلى مرحلة لم يعد في إمكاننا فيها التساهل في إدارة الشأن العام»، مشدداً على ضرورة «إخضاع الجميع إلى المساءلة». ودعا الى «تشكيل حكومة سريعاً، وأن نختار الشخص الكفوء في كل فريق سياسي لتولي أي وزارة»، داعياً الى «تعاون جميع المعنيين لتسهيل عملية التأليف». مكاري: «ما بقى تشوفوني» وتمنى نائب رئيس المجلس فريد مكاري على الحريري أن «تكون الحكومة منسجمة لتشكّل فريق عمل منتجاً، ولا يجوز أن تحمل أي ألغام، أو أن يكون فيها أي ثلث معطّل أو ضامن، لأن انسجامها ضمانة ضد التعطيل». ولدى مغادرته، قال ممازحاً الصحافيين: «بعتقد ما بقى تشوفوني». وفي ختام الجولة الأولى التقى الرئيس المكلف، كتلة «التنمية والتحرير» التي كانت اجتمعت برئاسة بري. وتحدث باسمها النائب أنور الخليل الذي وصف الإجتماع ب «المفيد والمنتج والصريح للغاية، وبحثنا في الأمور المعيشية والأساسية التي يجب ان يحصل عليها المواطن، وأكدنا انه يجب ألا يتأخر تشكيل الحكومة». وقال: «ذكرنا بعض المشاريع التي يمكن أن تبدأ بها الحكومة كي تثبت انها تريد مصلحة الناس، وكان الرئيس الحريري متفهماً لجميع الأمور ووعد خيراً». وأكد أن الكتلة «لم تطالب بحقائب معينة بل طلبنا من الرئيس الحريري أن تكون عملية توزيع الحقائب عادلة بين الأفرقاء». وفي حين وصف الحريري الجولة الصباحية لدى مغادرته ساحة النجمة للاستراحة ب «الإيجابية والجيدة، وأن الجو منيح»، استكمل لقاءاته في الرابعة والنصف عصراً. وكانت أولاها مع كتلة «التيار الوطني الحر» التي أكد باسمها النائب إبراهيم كنعان أن «العهد الرئاسي الجديد، الذي هو عهد الميثاقية على مستوى رئاسة الجمهورية بوجود العماد ميشال عون، وعلى المستوى الحكومي بوجود الرئيس الحريري والبرلمان بوجود الرئيس بري، يجب أن يستكمل بتشكيل الحكومة، وتسهيل تأليفها. وهذه الميثاقية يجب أن تكون هي قاعدة التمثيل». وقال: «طالبنا بتمثيل الأقليات وطرحنا المداورة بالحقائب». وعلى صعيد البيان الوزاري، قال: «خطاب القسم شكل نقطة التقاء وتأييد من مختلف الكتل بالعناوين التي حملها». عدوان: من حقنا 3 حقائب وأشار النائب جورج عدوان باسم كتلة «القوات اللبنانية» الى «أننا نريد حكومة يلتزم الجميع بقراراتها من دون غياب أو تعطيل، ومن يريد ممارسة التعطيل أو المعارضة فالباب مفتوح له ليكون خارجها، وأن تتعهد بالتفاهم على مشروع انتخابي جديد وإرساله الى المجلس معجلاً، وأن تقر الموازنة». وشدد على أن «القوات من حقها وفقاً للقواعد أن تكون لديها وزارة سيادية، ووزارة خدمات أساسية، ووزارة متوسطة لتكون فاعلة». ولفت النائب ميشال المر بعد لقائه والنائب نايلة تويني، الحريري، الى أن «الجو إيجابي ونتمنى السرعة والحزم في تشكيل الحكومة لنصل نهائياً لقيام الدولة». وأشار الى أن «حرية الانتقاء هي لمن يؤلفون الحكومة وليس لدينا مطالب معينة لتوزير أحد منا». أما رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل فقال باسم كتلته، أنه «في هذا الجو الإيجابي الموجود، لا يمكننا إلا أن نكون إيجابيين، ونعطي فرصة لإنقاذ لبنان. وعلينا أن نسهل هذا الأمر قدر الإمكان»، مشيراً الى أن «اجتماعنا مع الرئيس الحريري الذي يربطنا فيه رابط الشهادة كان إيجابياً جداً». وطالب النائب طلال إرسلان بحكومة موسعة تضم الجميع، وبتمثيل الحزب «الديموقراطي اللبناني»، مشدداً على انه «لا يوجد في الطائف ما يسمى وزارات سيادية وليست حكراً على طائفة». كما طالب بقانون انتخاب «قائم على النسبية». فرنجية: جاهز لمصارحة عون وأكد النائب سليمان فرنجية «أننا مع تأليف حكومة وحدة وطنية»، مطالباً «بحقيبة أساسية». وأشار الى «أننا ننسق مع الرئيس بري والرئيس الحريري دائماً، لافتاً الى أنه «إذا عُرض علينا شيء جيد نقبل به وإذا لم تعرض علينا حقيبة تليق بنا لن نشارك». ولفت الى أن «ليس هناك مصارحة مع رئيس الجمهورية، فأنا أحترم موقعه، وإذا أحب أن يقيم جلسة مصارحة فأنا جاهز». وتمنى النائب أحمد كرامي «تشكيل الحكومة بسرعة» وأعلن أنه «تحدث عن مواضيع تتعلق بإنماء طرابلس والسجناء الإسلاميين». وقال النائب عاصم قانصوه: «لسنا مصرين على التوزير ولكن إذا كان لنا مكان في الحكومة نريد أن نكون في وزارة الشؤون الاجتماعة لأننا سنكون قادرين على أن نخدم في ملف النازحين السوريين بحكم واقع السياسية وأن نقوم بشيء للبنان»، متمنياً الخير للحريري في تأليف الحكومة بأسرع وقت. «لقاء الجمهورية» والمشنوق يشيدان بخطاب القسم أشاد كل من الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان ووزير الداخلية نهاد المشنوق بخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس ميشال عون. وأعرب «لقاء الجمهورية» بعد اجتماعه برئاسة سليمان عن ارتياحه الى «معاني إعلان بعبدا في الخطاب والذي أكد ضرورة النأي بلبنان عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، ومنع انتقال أي شرارة إليه وضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية، والتزامه احترام ميثاق جامعة الدول العربية». وأمل بأن «يشكل بوابة لعودة العلاقة بين لبنان والأشقاء العرب إلى ما كانت عليه»، متمنياً «تطبيق إعلان بعبدا كاملاً وإقرار قانون انتخابي على قاعدة النسبية وإقرار استراتيجية دفاعية». كما تمنى بأن «تتكلَّل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري الوطنية بالنجاح، بعد نيله «شبه إجماع» البرلمان مع ما لهذا النجاح من ارتدادات إيجابية على المشهد اللبناني». ووصف المشنوق، خلال استقباله السفير الصيني لدى لبنان وانغ كي جيان، خطاب القسم بأنه «واضح وجدي ومتماسك ويعبر عن إدراك للتحديات التي يواجهها لبنان وموضوعي يأخذ في الاعتبار أهمية تحسين العلاقات مع الدول العربية وتعزيزها». ورأى أنه «يعكس بشكل إيجابي قدرة اللبنانيين على التفاهم في ما بينهم، خصوصاً لجهة التزام لبنان اتفاق الطائف وميثاق جامعة الدول العربية والقرارات الدولية، إضافة إلى احترام سياسة النأي بالنفس عن الحرب في سورية». وأكد السفير الصيني استعداد بلاده مواصلة دعم حكومة لبنان للحفاظ على أمنه ومكافحة الإرهاب، وقال: «ناقشنا حاجات الأمن العام وقوى الأمن الداخلي لندرسها ونقدّم قدر الإمكان في المستقبل». هولاند يشيد بدور سلام أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ب «الدور الذي قام به رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تمام سلام في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان وبالجهود التي بذلها لتجنيب لبنان الأخطار في ظل الأحداث المأسوية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط». وأكد هولاند خلال اتصال اجراه بسلام امس، «وقوف فرنسا الدائم الى جانب لبنان، متمنياً النجاح للعهد الجديد». وكان هولاند اتصل ليل اول من امس، بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري وهنأه بتكليفه تشكيل الحكومة متمنياً له التوفيق في مهمته. وكان سلام تلقى اتصالاً هاتفياً من البطريرك الماروني بشارة الراعي شكره فيه على «التصرف بحكمة وصبر طيلة فترة رئاسته للحكومة». والتقى سلام امس، السفير المصري لدى لبنان نزيه النجاري الذي نقل اليه «تقدير مصر لما بذله من جهد كبير خلال فترة توليه رئاسة الحكومة متحملاً الكثير الكثير من أجل لبنان لنقله من مرحلة الى اخرى خلال فترة الفراغ الرئاسي والتي كانت مرحلة غير سهلة على الإطلاق». وأكد مواصلة «التواصل معه لأنه شخصية سياسية مرموقة ولا شك في انه ستكون له إسهامات سياسية كبيرة في المراحل المقبلة». ولاحقاً زار القائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري السفير المصري الذي أوضح أن «اللقاء جاء في إطار التنسيق بين السفارتين المصرية والسعودية لدعم العملية السياسية اللبنانية»، مشيراً إلى أنه بحث مع القائم بالأعمال السعودي في «الدور المطلوب من البلدين لتعزيز الأمن والاستقرار في هذا البلد وآلية البناء على الدور اللبناني الأخير في إنهاء الفراغ الرئاسي، وصولاً إلى إنجاز الاستحقاقات النيابية والدستورية المقبلة». وأعرب السفير المصري عن «ارتياح مصر إلى اكتمال بنية المؤسسات الدستورية اللبنانية مجدداً بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً، وتكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة»، آملاً ب «إنجاز هذه الخطوة سريعاً».