أعلن الجيش العراقي في بيان أمس أن قوات من جهاز مكافحة الإرهاب استعادت ستة أحياء في شرق الموصل، ما يوسع الرقعة التي يسيطر عليها في معقل «داعش»، بعد يوم من كلمة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي حض أتباعه على القتال حتى النهاية. وقال ضابط في الجهاز الذي يتصدر حملة استعادة المدينة أن جنوده شنوا عملية واسعة على الإرهابيين الذين باتوا محاصرين في آخر معقل لهم في العراق. وأوضح البيان أن «قطعات عسكرية حررت أحياء الملايين والسماح والخضراء وكركوكلي والقدس والكرامة في (الساحل الأيسر) للموصل ورفعت العلم الوطني فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات». وقال أحد السكان، عبر الهاتف أنه ما زال يسمع أصداء المعارك في أحد هذه الأحياء. وما زالت الرقعة التي تسيطر عليها الحكومة تشكل جزءاً صغيراً من المدينة الواسعة المقسمة إلى عشرات الأحياء الصناعية والسكنية وكان يسكنها نحو مليوني شخص قبل أن يسيطر عليها «داعش» عام 2014. وتمكنت القوات العراقية حتى الآن من التوغل بضعة كيلومترات داخل المدينة. لكن الأحياء التي تمت استعادتها أقل تحصيناً من غيرها، خصوصاً تلك التي تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة، حيث يغلب فيها السكان العرب، ويمكن أن يكون وضع الإرهابيين أفضل. وقال ضباط عراقيون ومن التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة الذي يوفر دعماً جوياً وبرياً للعملية أن التقدم كان أسرع من المتوقع، مؤكدين في الوقت عينه أن الحملة ما زالت في مراحلها الأولى. وأكد ضابط كبير في مقر قيادة جهاز مكافحة الإرهاب في قرية برطلة أن القوات المتقدمة تواجه مقاومة شرسة تشمل سيارات مفخخة ونيران القناصة. وفي بلدة علي راش التي تبعد سبعة كيلومترات، جنوب شرقي الموصل، تسمع أصوات طائرات هليكوبتر وقذائف مدافع. كما أمكن سماع نيران الأسلحة الآلية التي قد يكون المسلحون مصدرها، وأمكنت رؤية الدخان يتصاعد من شرق المدينة. وقال الفريق قاسم نزال في قرية علي راش أن القوات العراقية استعادت أيضاً ثلثي حي الانتصار في شرق المدينة. وإن مقاتلي التنظيم يحاولون الفرار. وفي مؤشر إلى المقاومة الشرسة التي واجهها الجنود العراقيون منذ دخولهم المدينة، قال نزال أن القوات فجرت ست سيارات ملغومة وقتلت انتحاريين اثنين، بالإضافة إلى 30 آخرين. وكانت جثث ثلاثة من المسلحين ملقاة في العراء. وقال ضابط آخر «إنهم مجرمون لتنهشهم الكلاب». ومنذ نحو ثلاثة أسابيع تشن القوات العراقية ومقاتلون من «الحشد الشعبي» و «البيشمركة» وقوات أخرى مدعومة بغارات جوية تقودها الولاياتالمتحدة حملة لاستعادة الموصل. وستمثل استعادة ثاني أكبر المدن العراقية هزيمة الجناح العراقي ل «دولة الخلافة» التي أعلنها أبو بكر البغدادي من مسجد في المدينة قبل عامين. ويسيطر التنظيم كذلك على مساحات كبيرة من أراضي سورية المجاورة. وفي تسجيل صوتي نادر بث على الإنترنت الخميس، قال البغدادي من مكان مجهول: «لا تراجع في حرب شاملة» على القوات المتحالفة ضد التنظيم وحض مقاتليه على أن يبقوا على ولائهم. وما زال 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل عرضة للحصار، وسط حرب شوارع طاحنة. وحذرت الأممالمتحدة من أزمة إنسانية محتملة ونزوح عدد كبير من السكان. ويؤكد مسؤولون عراقيون أيضاً أن «داعش» يحتجز المدنيين دروعاً بشرية. وقالت رافينا شمدساني، الناطقة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان أمس أن مسلحي التنظيم «قتلوا المئات بينهم 50 من زملائهم الفارين من القتال و180 من الموظفين السابقين في إدارات الحكومة العراقية حول الموصل». وأشارت إلى أن المسلحين نقلوا 1600 شخص من بلدة حمام العليل، جنوب الموصل، إلى بلدة تلعفر. وأمروا السكان بتسليم الأطفال من الذكور فوق سن التاسعة في حملة تجنيد جديدة للجنود الأطفال على ما يبدو. وأعلنت الأممالمتحدة أن 22 ألف شخص نزحوا منذ بداية الحملة. ولا تشمل هذه الأرقام الآلاف من قرى أجبر أهلها على العودة إلى الموصل مع المسلحين المنسحبين الذين استخدموهم دروعاً. إلى ذلك، قال سكان من الموصل عبر الهاتف أن الإرهابيين ينشرون المدفعية ومنصات إطلاق الصواريخ داخل الأحياء السكنية وبالقرب منها. وأشاروا إلى أن بعض هذه الأسلحة مخبأ بين الأشجار على مقربة من حي الوحدة في الجنوب، في حين نشرت أخرى على أسطح المنازل في حي الغزلاني قرب المطار. وأفاد سكان في أحياء جنوبية وشرقية ليل الخميس بأن وابل قذائف المدفعية والصواريخ التي أطلقت من مناطقهم نحو القوات المتقدمة هز منازلهم. وفضلاً عن المقاومة في الموصل نفسها، شن الإرهابيون سلسلة هجمات في أجزاء مختلفة من البلاد لتشتيت الانتباه. وقال ضابط شرطة محلي أن المتشددين سيطروا على مسجد وعدد من المنازل في بلدة الشرقاط على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب الموصل، في وقت مبكر أمس، وقتلوا سبعة جنود ومقاتلين من قوات «الحشد الشعبي». وأوضح أن «الإرهابيين عبروا من الضفة الشرقية لنهر دجلة ودخلوا المدينة في الثالثة صباحاً واستولوا على مسجد البعاجة وانتشروا في الأزقة». لكن قوات الأمن صدت الهجوم واستعادت ما استولوا عليه.