أكدت وزارة الصحة عدم إهمالها أية منشأة صحية خاصة مؤهلة، تتعرض للخروج من السوق لأي سبب كان، كاشفة عن برامج ومبادرات لتعزيز الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بالتعاون مع القطاع الخاص، في الوقت الذي تعاني منشأتان صحيتان في الشرقية من أزمات مالية كادت أن «تعصف» بهما، نتج منها امتناع الطاقم الطبي والعاملين في المنشأتين عن العمل «موقتاً»، احتجاجاً على عدم تسلمهم رواتبهم لمدة طويلة، إلا أن تملك إحدى الشركات الكبرى لأحدهما أنقذ المنشأة من «الإغلاق». أزمة المنشأتين الصحيتين الأكبر في المنطقة الشرقية أثارت جدلاً واسعاً في المنطقة، إذ يمثل أحدهما المستشفى الأقدم والأعرق في المنطقة، فيما عرف الآخر بتقديمه الخدمات الصحية الاحترافية لمرضاه. وامتدت معاناة المستشفيين المتعثرين مالياً إلى معاناة أخرى، من نقص المحاليل المخبرية والتطعيمات والمعدات الطبية، علاوة على مشكلات تقنية في أقسام الأشعة، فيما علمت «الحياة» بتملك إحدى الشركات الكبرى إحدى المنشأتين الصحيتين المتعثرة، فيما يجري التفاوض لنقل ملكية الأخرى، كما عملت المنشأتان على نقل المرضى في أقسام التنويم إلى المستشفيات الكبرى في المنطقة لتلقي الرعاية. ومع تصاعد الأزمة وكثرة الاستفسارات حول مصير المنشأتين في المنطقة، التي تضم 37 مستشفى، أوضحت إدارة التواصل والعلاقات بوزارة الصحة ل«الحياة» أن المنشآت الصحية الخاصة القائمة التي تخرج من السوق لأسباب مختلفة تخضع لقوى «العرض والطلب»، مشددة على عدم إهمال الوزارة أو ترك المنشآت الصحية القائمة والمؤهلة. وحول خطط الوزارة لتعزيز الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بالتعاون مع القطاع الخاص، واستثمار الوزارة للمنشآت التي تخرج من السوق، كشفت الوزارة عن أنها تعمل حالياً على إعداد الدراسات لطرح عدد من المبادرات ضمن برنامج مشاركة القطاع الخاص، والذي سيسهم في تغطية أكبر وأفضل للخدمات الصحية، عبر تيسير بناء وتملك أو إدارة خدمات الوزارة، لافتة إلى أنها تعمل حالياً على تطوير وتهيئة الخدمات الصحية التابعة لها فقط، لمواكبة الأهداف التي وضعت ضمن برنامج التحول الاستراتيجي. وعلى رغم التطور الملاحظ في القطاع الصحي السعودي إلا أنه لا تزال هناك بعض المشكلات القائمة، مثل تعثر المشاريع الصحية، فيما جاءت «رؤية السعودية 2030» لتقدم فرصاً غير مسبوقة لتطوير القطاع الصحي، بحسبما أشار البيان الرسمي الذي نشر على موقع وزارة الصحة السعودية، إذ تحمل هذه الرؤية توجهاً يتيح تقديم خدمات صحية مميزة من خلال نماذج عمل واستثمار متطورة تضمن الاستدامة وتحقيق أعلى الكفاءات. وتمثل الرعاية الصحية في «رؤية السعودية 2030» أحد أهم مقوماتها، وشأنها جعل المملكة في مقدم دول العالم، إذ جاء في نص الرؤية: «أن ما نطمح إليه ليس تعويض النقص في المداخيل فقط، أو المحافظة على المكتسبات والمنجزات، ولكن طموحنا أن نبني وطناً أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف والرعاية الصحيّة والسكن والترفيه وغيره». فيما تصدر «الاستثمار» في القطاع الخاص قائمة أهداف وزارة الصحة لبرنامج التحول الوطني 2020، كما أكدت الوزارة ضمن أهدافها التوسع في خصخصة الخدمات الحكومية، من خلال رفع مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق على الرعاية الصحية من 25 إلى 35 في المئة. مطالبة بأنظمة تحمي المنشآت المهددة ب«الإغلاق» طالب استشاري إدارة الخدمات الصحية الأستاذ الأكاديمي الدكتور حمود الشمري وزارة الصحة بإيجاد أنظمة لحماية المنشآت الصحية الخاصة المهددة بالإغلاق، والمحافظة على استمرار تشغيلها، لتقوّم الخدمات الصحية للمواطنين. وقال ل«الحياة»: «يجب على وزارة الصحة أن تسهم في استمرار المنشآت الطبية الخاصة، والعمل على عدم فشلها، من خلال التدخل بتشريع أنظمة وقوانين تفرق بين الملكية والإدارة، وإيجاد أنظمة لحماية هذه المنشآت الطبية المهددة بالإغلاق، وضمان استمرارها للاستفادة منها من خلال آلية نظامية لتشغيلها عن طريق طرف ثالث، وعدم إهدار الدعم الحكومي لهذه المنشآت». وأوضح الشمري أن القطاع الصحي الخاص يحظى باهتمام كبير من الحكومة، إذ يسهم حالياً في تقديم 20 في المئة من إجمالي الخدمات الصحية المقدمة في المملكة، إضافة إلى 60 في المئة من خلال وزارة الصحة، ويتبقى 20 في المئة للقطاعات الصحية الحكومية الأخرى. وأضاف: «تقدم الدولة قروضاً ميسرة للاستثمار في القطاع الصحي الخاص، ليسهم في توفير الخدمات الصحية، وهذه القروض تصل إلى مبلغ 200 مليون ريال، تسدد بأقساط ميسرة، تبدأ بعد السنة الخامسة»، لافتاً إلى أن هذا الدعم أسهم في تنوع مقدمي الخدمات الصحية ورفع المستوى المهني لهذه الخدمات، لذا يتوجب على وزارة الصحة أن تحرص على استمرار المنشآت الصحية الخاصة، وتسهم في ديمومتها وعدم التفريط فيها. وبيّن أنه كما هو معلن في «رؤية المملكة 2030»، فإن إحدى مبادرات وزارة الصحة لتحقيق الرؤية ينص على «مضاعفة مساهمة القطاع الخاص في توفير الخدمات الصحية»، وهذا يتطلب زيادة المحافظة على المنشآت الصحية الخاصة والعمل على زيادتها مستقبلاً.