الأناضول أظهر انقطاع كابل بحري للأنترنيت يربط الجزائر بأوروبا قبل أكثر من عام حالة أشبه بالهيستيريا في البلاد، عكست إدماناً على الشبكة العنكبوتية، إلا انه أخرج إلى العلن أيضا مبادرة لعلاج المدمنين على الفضاء الافتراضي يقول أصحابها أنها الأولى من نوعها في العالم العربي. وقال مدير المصحة الجوارية بشير منتوري بقسنطينة رؤوف بُوقفة، إن "الفكرة جاءت من كون المصلحة تحتوي على مركز لمكافحة الإدمان على المخدرات والمشروبات الكحولية والحبوب المهلوسة وحتى التدخين". وتابع "أن الفكرة تبلورت أكثر بعد حادثة انقطاع كابل الإنترنت البحري بعنابة شرقي البلاد، والذي يربط الجزائر بأوربا، وذلك في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، حيث أصيبت البلاد بحالة هستيريا غير مسبوقة جراء انقطاع الانترنت لعدة أيام". وهو ما دفع بُوقفة إلى التفكير في حل الإدمان الأعمى لشريحة من الجزائريين على الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي خصوصاً "فايسبوك". وصرحت وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون في أيلول (سبتمبر) 2016، خلال جلسة في البرلمان، أن 80 في المئة ممن يتصفحون الانترنت في البلاد يقصدون شبكات التواصل الاجتماعي مثل "فايسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر" وغيرها. وأطلقت الجزائر رسميا في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، حملة تسويقية لخدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال، ما يعني حسب الخبراء أن أعدد الجزائريين الذين سيصلهم الأنترنت ستتضاعف في السنوات المقبلة. وقال بُوقفة "اقترحت إضافة إدمان الأنترنت لقائمة الآفات التي يتم علاجها في المركز"، مضيفا "الفكرة لاقت ترحيبا في المصحة، فتم تعيين طبيبة رئيسية ومختصان في الأمراض العقلية، وأخصائية في علم النفس، وأخرى تعمل كمساعدة اجتماعية، وتم تكوين خلية إصغاء وعلاج". موضحاً أن "العلاج يتم بجلسات جماعية تضم المختصين والمدمنين على الإنترنت في آن واحد، وتخصص لهم جلسات فردية وألعاب فكرية ورياضة في قاعة مخصصة للغرض، كما يتوفر المركز على مكتبة غنية بالكتب والمراجع باللغتين العربية والفرنسية ولغات أخرى وضعت تحت تصرف المركز والمدمنين". ويروي مدير المصحة كيف أن والدة طفل لا يتعدى سنه 14 سنة، اتصلت بهم بحثا عن شفاء لولدها الذي صار مدمنا على المواقع الإباحية، حيث وبعد قطع خدمة الانترنت عن البيت صار يتوجه لمقاهي الانترنت لتصفح المواقع الإباحية رغم سنه الصغير، ليلتحق الطفل بالمصحة ويبدأ رحلة العلاج. ورغم الإقبال الذي ما زال ضعيفاً إلا أن بُوقفة يعتقد أن صدى إطلاقه إيجابي، ويقول: "الصدى إيجابي جدا وجمعيات المجتمع المدني اعتبرت الأمر جد مهم". مضيفاً "المجتمع المدني صار واعيا بدوره وضرورة التجنيد من أجل التوعية والاحساس بالمخاطر وبدور المركز أيضا، حتى التناول الإعلامي للمركز بدأ يتضاعف يوم بعد يوم بل ووصل إلى خارج حدود الوطن". ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر يوسف حنطابلي، أنه لا يوجد اتفاق حول درجة التعاطي والتعرض لهذه التقنيات (إنترنت وشبكات تواصل اجتماعي) التي تصل إلى حد الإدمان. وأوضح أنه "عندما نقدم ملاحظة موضوعية لماذا يتعاطى المجتمع مع هذه التقنيات والوسائل نجد أن الأمر يرتبط في كثير من الأحيان بالحياة اليومية للجزائريين المهنية والعملية، فقد أصبح الإنترنت وسيلة عمل يومية بامتياز". ويعتقد حنطابلي أن "الإشكال لا يطرح من حيث شكل هذه التقنيات، لكن الإشكالية تأتي من محتواها، وكيف يمكن إرساء قواعد تضبط وتكافح هذا الإدمان والتحكم في المحتوى والبرامج". ويرى أن "من الصعوبة بمكان التحكم في فضاء افتراضي، فالمخدرات والتدخين فضاء واقعي، أما الإنترنت وباقي الشبكات فهي فضاء افتراضي"، وتابع متسائلا: "إلى اليوم لم نستطع التحكم في الفضاء الواقعي، فكيف سيكون التحكم في الفضاء الافتراضي؟". وعن مدمني "الفيسبوك"، يشرح هذا الأستاذ بجامعة الجزائر أنه "عندما نتصفح ما ينشر على هذه الشبكة من تعابير وغيرها نجد أنها تعبر في الغالب عن مكبوتات لم يتمكن الشباب الجزائري خصوصا من إنجازها في الواقع لذلك يتجه نحو هذا العالم الافتراضي لإنجازها". يذكر أن في الجزائر نحو 20 مليون خط للإنترنت الجوال بتقنية الجيل الثالث، يضاف إليها أكثر من 2 مليون خط للإنترنت الثابت المملوك للمشغل الحكومي اتصالات الجزائر، عليها 15 مليون حساب على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أي 37 في المئة من العدد الإجمالي للسكان، البالغ 40 مليون نسمة. بحسب إحصاءات حديثة نشرها موقع "إنترنيت وورلد ستاتس".