أعلن الأمين العام لمجلس الأمن والدفاع الوطنيين في اوكرانيا اندريه باروبي أمس، ارسال اول كتيبة من الحرس الوطني الى شرق البلاد، حيث لا يزال انفصاليون موالون لروسيا يسيطرون على مقار ادارية وأمنية منذ السبت الماضي، خصوصاً في اقليم دونيتسك، لكنهم انسحبوا طوعاً من مقر للشرطة في مدينة كراماتورسك بدونيتسك. وأوضح باروبي ان الكتيبة التي تضم متطوعين كانوا في لجان الدفاع الذاتي بساحة ميدان، معقل حركة الاحتجاج وسط كييف التي اطاحت بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير)، ان «الجنود متدربون جيداً ومستعدون للدفاع عن اوكرانيا، والوضع ليس سهلاً». والحرس الوطني الذي صادق البرلمان الأوكراني على إنشائه في آذار (مارس)، بعد إلحاق شبه جزيرة القرم بروسيا، مكلف حماية الأمن الداخلي والحدودي ومكافحة الارهاب، ويخضع لإشراف وزارة الداخلية كي يستطيع مساندة القوات المسلحة التي تضم 130 ألف عسكري اكثر من نصفهم مجندون، بينما يتألف الجيش الروسي من 845 ألف جندي. وأعلن الرئيس الأوكراني اولكسندر تورتشينوف اطلاق عملية «لمكافحة الارهاب شمال اقليم دونيتسك الذي يضم منطقة سلافيانسك»، حيث شوهد رتل من دبابات وعربات مدرعة وحافلات تحمل اعداداً كبيرة من عناصر القوات الخاصة على الطريق المؤدي اليها. وأشار تورتشينوف الى ان العملية «ستقاد بطريقة تدريجية ومسؤولة ومدروسة»، متهماً روسيا ب «تنفيذ مشاريع عنيفة لاشعال ليس دونباس (منطقة دونيتسك) وحدها، بل كل شرق اوكرانيا وجنوبها، من منطقة خاركيف الى اوديسا». الى ذلك، اعتبر السفير الأوكراني لدى الأممالمتحدة يوري كليمينكو ان التوترات شرق أوكرانيا «ذريعة متعمدة تثيرها روسيا لتعطيل المحادثات الرباعية المقررة بين كييف وموسكو وواشنطن والاتحاد الأوروبي في جنيف غداً»، مشيراً الى ان كييف تتطلع الى الافادة من المحادثات لتهدئة التوترات على الحدود مع روسيا والمساعدة في إستئناف التجارة معها، لكنها لن تناقش شؤونها الداخلية. اوباما وبوتين وفي اتصال أجراه البيت الأبيض بناء على طلب من موسكو، ابلغ الرئيس الأميركي باراك اوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين ان «الاثمان التي تدفعها موسكو بسبب تدخلها في اوكرانيا سترتفع حكماً إذا واصلت السير على الطريق الذي تسلكه». اما بوتين فردّ بأن اتهام موسكو بالتدخل «ليس إلا تكنهات تستند الى معلومات لا اساس لها». وطالب اوباما بوتين بالضغط على الانفصاليين الموالين لموسكو «من اجل القاء سلاحهم، واقناعهم بإخلاء المباني التي تحتلها»، مذكراً بأهمية «سحب روسيا قواتها من الحدود لتخفيف التوتر»، فيما نوّه ب «ضبط النفس اللافت الذي أظهرته كييف، وجهودها لتوحيد البلاد عبر إجراء انتخابات رئاسية حرة وعادلة في 25 ايار (مايو) المقبل، ومواصلة الإصلاح الدستوري واتخاذ خطوات ملموسة نحو لا مركزية السلطة». وشدد على ان الحل الديبلوماسي لأزمة اوكرانيا لن ينجح في بيئة من التخويف العسكري الروسي على الحدود، والاستفزاز المسلح في اوكرانيا، واللهجة التصعيدية لمسؤولي الكرملين. واعترف البيت الابيض بزيارة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي) جون برينان كييف نهاية الاسبوع الماضي، لكنه نفى بحث إرسال مساعدات عسكرية الى اوكرانيا، فيما تحدث البنتاغون عن تحليق طائرة روسية من طراز «سو-24» الاربعاء مرات على ارتفاع منخفض قرب مدمرة اميركية في المياه الدولية بالبحر الاسود، مندداً بعمل «استفزازي وغير محترف». اعتداء وفيما تجد السلطات الجديدة في كييف نفسها بين روسيا التي لا تعترف بشرعيتها والمجموعات القومية والموالية لأوروبا التي تتهمها ب «التراخي»، اعتدى حشد غاضب بالضرب على المرشح الرئاسي أوليه تساريف المعروف بمواقفه المتشددة المؤيدة لروسيا، اعتراضاً على تصريحات أدلى بها في مقابلة تلفزيونية. وقال منتقدو تساريف الذي كان أَيَد عضوية اوكرانيا في الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو بدلاً من التكامل الأوروبي إنه «دعم خلال المقابلة تدخل القوات الروسية في الشرق»، وهو ما نفاه. وتظهر استطلاعات الرأي أن نسبة تأييده لا تتجاوز واحد في المئة في الانتخابات. وانتظر تساريف (44 سنة) ساعتين داخل استوديو محطة «أي سي تي في» قبل الخروج. وعلى رغم حماية حراسه، ألقت الجماهير البيض في وجهه ثم انهالت عليه بالضرب. ودُفع بتساريف داخل سيارة إسعاف، لكن أعضاء في جماعة «القطاع الأيمن» القومية المتطرفة أمسكوا به، واقتادوه أولاً الى مقر جهاز أمن الدولة ثم الى مكتب المدعي العام. ترافق ذلك مع اعلان مكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في تقرير ان الناطقين بالروسية شرق اوكرانيا «لم تستهدفهم هجمات منظمة أو كثيفة، وزعموا كذباً تعرضهم لهجوم لتبرير تدخل روسيا في القرم». لكنه شدد على ضرورة منع السلطات الاوكرانية الجديدة التحريض على الحقد واحترام الاقليات. ودعا التقرير الذي حلل الأحداث حتى الثاني من الشهر الجاري، الى بذل جهود فورية لاعادة سيادة القانون واحترام حقوق الانسان، ووضع حد «لخطاب الكراهية»، مثل الخطاب القومي المتشدد والذي يروج للكراهية على أساس العرق أو الدين. وطالب بالتحقيق في مزاعم عن تورط «القطاع الأيمن» بقتل افراد من جهات انفاذ القانون، لكنه استدرك ان الخوف من الجماعة «مبالغ به». كما اعلن ان مسؤولي الأممالمتحدة تلقوا «حقائق كثيرة عن تزوير الاقتراع الخاص باستفتاء انفصال القرم». القرم وترانسنيستريا على صعيد آخر، أعلنت وزارة الطوارئ والدفاع المدني الروسية ان قوات تابعة لها بدأت أمس تدريبات في مناطق مختلفة من البلاد بينها القرم. وقالت الوزارة ان التدريبات تهدف إلى تأكيد جاهزية القوات لبلوغ منطقة منكوبة لإنقاذ منكوبين. وعيّن الرئيس بوتين نائب قائد أسطول البحر الأسود الروسي سيرغي مينيايلو في منصب منصب القائم بمهام عمدة مدينة سيفاستوبل بالقرم، وسيرغي أكسيونوف في منصب القائم بمهمات رئيس القرم. الى ذلك، املت منظمة الأمن والتعاون في اوروبا بتنظيم جولة جديدة من المفاوضات في ايار (مايو) بين مولدافيا ومنطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا والقريبة من الحدود مع اوكرانيا. وتقود منظمة الأمن والتعاون هذه المفاوضات ضمن اطار 5+2، اي بمشاركة مولدافيا ومنطقة ترانسنيستريا الانفصالية، اضافة الى اوكرانياوروسيا ومنظمة الأمن والتعاون. ويضطلع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بدور المراقب. واستؤنفت المفاوضات بعد توقف استمر ست سنوات في 2011، لكن جولة مقررة هذا الشهر لم تنعقد بسبب مسألة تقنية مرتبطة بقانون مولدافي اثر على الصناعة في ترانسنيستريا، والذي سحب لاحقاً. وتأمل مولدافيا بتوقيع اتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال اشهر، علماً ان رئيس مولدافيا نيكولاي تيموفتي ابدى قلقه من تكرار سيناريو القرم بسبب مطالب ترانسنيستريا بالانضمام الى روسيا.