يتندر الأحسائيون على أنفسهم بنكتة مفادها ان أحسائياً سُئل: كم المسافة بين الدماموالأحساء؟ فأجاب: «كيس ونصف الكيس من الحَبِّ الحساوي». فهو يُقدّر المسافة بين المدينتين بحجم ما يقضمه من «الحَبِّ (الفصفص) الحساوي» خلال مشواره من الدمام إلى الأحساء، أو العكس. في إشارة إلى مقدار تعلق سكان الأحساء بهذا المنتج الذي يأتي ثالثاً في قائمة أبرز المزروعات في هذه الواحة، بعد التمر والرز. ويتصدر «الحَبِّ الحساوي» الذي يستخرج من بذور نبات «دوار الشمس» قائمة أغلى أنواع الحَبِّ سعراً، إذ يصل سعر الكيلوغرام منه إلى 50 ريالاً للمحموص، و40 ريالاً للمسلوق في الماء والملح، بخلاف الفصفص الذي يجلب من دول عدة، إذ لا يتجاوز سعر الكيلوغرام منه 12 ريالاً. ويعزو عبدالله الجاسم (احد المهتمين في زراعة هذا النوع من الفصفص) ارتفاع سعره إلى «جودة المنتج، إذ لا تدخل عليه أي تغييرات كيماوية أو عضوية لتحسينه وزيادته بغرض تجاري. ولا يزال «الحَبِّ الحساوي» محتفظاً بلونه الأصلي. وهو اللون الأبيض خلاف أي نوع آخر من حَبِّ دوار الشمس، ذي اللون الأسود». ويعتبر الجاسم، بلدة المطيرفي «أفضل موقع لزراعة هذا النوع من الفصفص»، لأن «النبتة تحتاج إلى عناية خاصة، من خلال حرث الأرض وتسميدها مع بداية موسم الزراعة (مطلع السنة الميلادية). وتتم رعايتها من خلال سقيها بالماء الوفير كل يومين، وكذلك الحفاظ على بذورها من الطيور، التي تشكّل تهديداً للمحصول»، مشيراً إلى دور المزارع في «استغلال أرضه في شكل تخصصي، بتبنيه صنفاً محدداً من المزروعات، حتى يستطيع العناية به، من خلال نوعية السماد، وكمية الماء التي يحتاجها النبات، وريه في وقت محدد وبكمية متساوية»، منوهاً إلى أن مزارع الأحساء التي تتنوع فيها المزروعات «تعاني من تفاوت كمية الماء بحسب نوع النبات، فكمية الماء التي تحتاجها النخلة تختلف عما تحتاجها مزروعات أخرى، مثل الرز الحساوي، أو دوار الشمس». ويقول صالح البخيتان، الذي يجني محصوله في منتصف السنة الميلادية: «أعتنى به، وأخصص لجمع المحصول غرفة للفرز والتجفيف، ويكون عادة يدوياً. وبعد ذلك تبدأ مرحلة نقع الحَبِّ المستخرج في الماء المغلي، لمدة ثماني ساعات. وهو المنتج الذي يطلق عليه «الحَبِّ المفوّح في الماء والملح». فيما يتم حمص كمية من المنتج على نار هادئة، وهو ما يُطلق عليه «الحَبِّ المقلي». ويتميز الحَبِّ الحساوى بطعمه المميز ورائحته الذكية، التي يميزها المشتري، وذلك لكونه ذي جودة عالية. ولا تتم الاستعانة بأي أدوات حديثة في مختلف عمليات إنتاجه. ويشهد «الحَبِّ الحساوي» إقبالاً كبيراً، سواءً من أهل الأحساء الذين يحرصون على شرائه في الجلسات الخاصة، ويوزع في المناسبات والأفراح والأعياد. ويحرص الزوار المقبلون من دول الخليج العربي على شرائه، ويفضلونه على الحَبِّ الشمسي الأسود، المستورد من تركيا، إذ يقوم التجار بتجفيفه في مزارعهم لأيام، بعد غليه في الماء. وبعدها يزول قشره الأسود. ويتحوّل إلى اللون الأبيض المصفّر. وقد يختلط على البعض، فيعتقدون أنه حَبِّ حساوي، ويمكن تفريقه عن أي نوع آخر، بلونه الناصع، وحجم بذرته المتوسطة.