إذا كان الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن وظف المجاز في مطلع قصيدته الوطنية الشهيرة «فوق هام السحب يا أحلى وطن»، والتي تغنى بها فنان العرب محمد عبده فغدت أيقونة فنية سعودية، فإن مدينة النماص بارتفاعها الشاهق ومناظرها الخلابة وطقسها المعتدل تطفو فعلاً «فوق هام السحب»، فحين يفتح سكانها نوافذ منازلهم يجدون أنفسهم في سفينة خيالية تمخر سحب السماء. وتتربع المناص التابعة إلى منطقة عسير على جبال السراة جنوب غربي الجزيرة العربية، على ارتفاع أكثر من ألفين و800 متر فوق سطح البحر، وتنقسم من الناحية التضاريسية إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي المنحدرات المُطلة على سهل تهامة، والسراة «جبال السروات» وهي جزء من المرتفعات الغربية أو «الدرع الغربي»، والهضاب الشرقية المسماة لدى سكان المنطقة «نجد». ويحد المدينة من الشمال محافظة بلقرن، ومن الجنوب مدينة تنومة، ومن الغرب محافظة المجاردة، ومن الشرق البداوة (نجد)، ويمر بها طريق «الحجاز – أبها - الطائف»، وتبعد عن أبها مسافة 150 كيلومتراً شمالاً، بحسب الموقع الإلكتروني لإمارة عسير. وتتميز المدينة الجبلية بجوها الجميل وأجواءها المعتدلة صيفاً، والباردة شتاءً، إذ لا تتجاوز درجات الحرارة في الصيف 28 درجة مئوية، أما في الشتاء فتصل في كثير من الأحيان إلى ما دون الصفر. ومن المناطق السياحية في النماص وادي زيد، ويسمى «وادي زيد الكبير»، ويمتد من أعالي جبال المرحب وجبل عصية، وجبل آل عظية ويصب في وادي ترج شرقاً، ويسكنه عدد من القبائل معظمهم من بني شهر. ويتبع إلى وادي زيد عقبة تلاع التي تربط الحجاز في تهامة، وتنقسم إلى قرى تابعة إلى بلدة الخضراء وقرى تابعة إلى قبائل آل خشرم. وعلى رغم مرور مئات السنين، لا تزال قرى المنطقة تحافظ على الطراز العربي القديم في مبانيها المتعارف عليها عند سكان الجبال كالقلاع والحصون والساحات، إضافة إلى المنازل والسقائف، إذ بنيت هياكلها بواسطة الحجر وسقفت بأغصان شجر الزيتون والعرعر. ويوجد في المناص عدد من المتاحف الخاصة، منها متحف العرش التراثي، وهو عبارة عن مبنى كبير من طابقين مبني من الحجر على طراز البيوت التراثية لمنطقة عسير القديمة، ويضم تسع غرف مختلفة المساحات، وحوالى ألف قطعة تراثية، إضافة إلى متحف اليحي، ومتحف حلبا وغيرها. كذلك تتميز المناص في متحف المقر الذي قال صاحبه محمد المقر الشهري في تقرير سابق لموقع «العربية نت»، إن بعض المتخصصين صنفوا متحفه كأحد عجائب القرن ال21، إذ تم بناؤه بطرق هندسية رائعة مشتقة من التراث المعماري الأندلسي، وكشف الشهري أن إنشاء المتحف كلفه حوالى 80 مليون ريال سعودي، وجمع معروضاته على مدار 30 عاماً من مختلف أنحاء العالم. من جهة ثانية، تعتبر بادية بني عمرو في محافظة النماص من المناطق الغنية بالنقوش الصخرية، وتقع شرق مدينة حلباء، ومن تلك النقوش بعض الكتابات التي تعود إلى فترة ما قبل الإسلام وكثير منها يوجد بجانب بعض الرسوم، ما يعطي للمعنى المقصود إيضاحاً أكبر، أما كتابات العصر الإسلامي فنقشت بالخط الكوفي منذ بدايته وعثر على نقوش إسلامية مؤرخة من 125ه إلى 155ه . إضافة إلى النقوش المكتوبة، عثر على بعض الرسوم الصخرية القديمة وتمثل رسوماً لحيوانات مختلفة كانت تعيش في المنطقة، مثل: الوعول، والجمال، والأبقار، والنعام، وغيرها. فيما عثر على صور لرسوم آدمية توضح مشاهد معارك حربية أو مناظر صيد الحيوانات.