رغم تأكيد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض أن منصبه الحالي هو آخر منصب حكومي يتولاه، الا أن مصادر عليمة تؤكد ان فياض ما زال المرشح المفضل لدى الرئيس محمود عباس، والاقوى لتشكيل اي حكومة مقبلة. وتقول هذه المصادر إن عباس ومعه قطاع واسع في حركة «فتح» ومنظمة التحرير، يرون في فياض قدرة خاصة واستثنائية على القيام بمهمات المرحلة المقبلة، وفي مقدمها جلب المساعدات الدولية لإعادة إعمار غزة، ومواصلة بناء المؤسسة الحكومية على اسس مهنية. وتقول هذه المصادر إن عباس متمسك بفياض في الحالتين، حال التوصل الى اتفاق مع «حماس» على تشكيل حكومة وفاق وطني، او في حال فشل الحوار وتشكيل حكومة جديدة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت «حماس» اعلنت رسميا معارضتها تولي فياض الحكومة الجديدة بسبب ما قالت إنه استهداف حكومته للحركة ومؤسساتها وافرادها في الضفة الغربية، لكن مصادر موثوقة في الحركة لا تستبعد قبول توليه هذا المنصب في حال الاستجابة لشروط الحركة، وفي مقدمها التراجع عن الاجراءات التي اتخذتها حكومته ضد الحركة من فصل موظفين موالين لها، بمن فيهم رجال الشرطة في غزة، الى اطلاق المعتقلين واعادة فتح المؤسسات. وتسود أجواء من التشاؤم ازاء قدرة حركتي «فتح» و «حماس» على التوصل الى اتفاق يفضي الى تشكيل حكومة وفاق وطني بعد اصطدام الحوار بالبرنامج السياسي للحكومة. فمن جانبها، تقول «حماس» إنها لن تقبل المشاركة او الموافقة على حكومة تلتزم تعهدات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية التي تتضمن اعترافاً صريحاً بإسرائيل، لكنها تقترح بدلاً من ذلك صيغة «اتفاق مكة» الذي ينص على «احترام» الحكومة لتلك التعهدات بدلا من «التزامها»، كما اقترحت تشكيل حكومة غير سياسية تتولى مهمتي اعادة الاعمار والتحضير للانتخابات. غير ان عباس رفض الاقتراحين لأنه لا يريد تشكيل حكومة تعيد الحصار الى الاراضي الفلسطينية، حسب تعبيره. وينتظر الجانبان اللقاء المرتقب مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان نهاية الاسبوع الجاري للاستماع منه الى الموقف الاميركي من الحكومة الفلسطينية الجديدة. لكن الجانبين متشائمان من نتيجة الزيارة، خصوصا في «فتح» التي استمعت الى الموقف الاميركي من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في زيارتها الاخيرة لرام الله، والتي اوضحت فيها بما لا يقبل التأويل ان ادارة باراك اوباما لن تتعامل مع حكومة فلسطينية لا تعترف بشروط اللجنة الرباعية، وهي الاعتراف بإسرائيل، والتزام الاتفاقات الموقعة معها، ونبذ العنف. وتبعا لذلك، توقعت مصادر عليمة ان يعيد الرئيس عباس تكليف فياض تشكيل حكومة جديدة من فصائل منظمة التحرير والمستقلين. لكن هذه المصادر تؤكد ان فياض لن يقبل التكليف الجديد سوى بشروط، في مقدمها الدعم الكامل من «الحزب الحاكم» (فتح)، والتوقف عن كل أشكال المناكفة السابقة مثل اضرابات النقابات وغيرها من الخطوات التي يرى فيها فياض «مناكفات» من بعض مراكز القوى في «فتح». ومن شروطه ايضا اختيار مهنيين محترفين من «فتح» للمشاركة في الوزارة وليس من مراكز القوى التي لم تخف حربها الموجّهة ضد حكومته في العامين الاخيرين. وتدخل استقالة حكومة فياض حيز التنفيذ مطلع الشهر المقبل، ما يعني ان الوقت المتاح امام «فتح» و «حماس» للاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، ضيق. لكن مصادر عليمة تتوقع ان يعلن الجانبان، في حال عدم التوصل الى اتفاق قبل نهاية الشهر، عن مواصلة الحوار، وفي الوقت نفسه، يُكلف فياض تشكيل حكومة جديدة يُعلن الرئيس انها ستدير البلد الى حين التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني.