رغم الخلافات الجوهرية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في موضوع الاستيطان وجدول اعمال المفاوضات المباشرة واهدافها، ورغم اجواء التشاؤم بفرص نجاح هذه المفاوضات المحفوفة بالكثير من العقبات، تُعقد اليوم في شرم الشيخ الجولة الثانية من المفاوضات بمشاركة الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، وسط حضور اعلامي واسع واجراءات امنية مشددة، في وقت رفعت اسرائيل حال التأهب تحسباً لهجمات تتزامن مع هذه الجولة. وعشية المفاوضات، ما تزال قضية الاستيطان تؤرق كل الاطراف، وتنذر بأن تكون الفتيل الذي قد ينسف عملية السلام برمتها، خصوصا عندما ينتهي التجميد الحالي للبناء الاستيطاني في 26 الشهر الجاري. وكان العرض الذي قدمه نتانياهو اخيرا في شأن وقف جزئي للاستيطان اثناء التفاوض، أقل بكثير مما يقبل به الفلسطينيون، اذ أكد عضو الوفد المفاوض محمد اشتيه لوكالة «فرانس برس» امس ان «موقفنا واضح، وابلغناه قبل قمة شرم الشيخ الى الادارة الاميركية، وهو ان السلام والاستيطان لا يلتقيان». واضاف: «سنذهب الى شرم الشيخ بقلب وعقل مفتوحيْن، لكن اذا بدأت اسرائيل بالاستيطان، فإن ذلك يعني عدوانا على عملية السلام والشعب الفلسطيني»، مؤكدا: «لا نقبل الحديث عن استيطان جزئي او مخفف او بطيء، ومطلبنا ابلغناه للادارة الاميركية بالوقف التام للاستيطان». وكانت تقارير صحافية اسرائيلية اكدت امس ان نتانياهو ابلغ كلا من الرئيس باراك اوباما في لقائهما قبل اسبوعين في واشنطن، ومبعوث اللجنة الرباعية توني بلير خلال لقائهما اول من امس في القدس، بأن البناء في المستوطنات سيستأنف «في شكل جزئي» مع انتهاء مدة التجميد، وعلى غرار ما كان متبعاً في عهد سلفه ايهود اولمرت الذي اتبع سياسة مواصلة البناء بشكل غير مكثف في موازاة التفاوض. لكن بخلاف اولمرت الذي كان 90 في المئة من البناء في عهده يتم في التجمعات الاستيطانية الكبرى التي تريد اسرائيل ضمها اليها في اطار الاتفاق الدائم في مقابل تعويض الفلسطينيين بأرض بديلة، فإن نتانياهو لم يحدد المواقع التي سيتم البناء فيها. في غضون ذلك، اعلنت حركة «السلام الآن» انه مع انتهاء قرار تجميد الاستيطان، سيكون بوسع المستوطنين استئناف البناء الفوري في 2066 وحدة سكنية موزعة على 41 مستوطنة. واضافت ان ثمة 11 الف وحدة سكنية صادقت عليها الحكومة سابقا، تنتظر اقرار السلطات البلدية لمخططات البناء فيها. ولا تقف الخلافات بين الفلسطينيين واسرائيل عند مسألة الاستيطان، بل تتناول ايضا جدول اعمال المفاوضات، اذ اعلنت اوساط نتانياهو انه يريد ان تعطي المفاوضات الاولوية لمسألتي الترتيبات الامنية ويهودية الدولة، في حين يصر الفلسطينيون على اعطاء الاولوية لمسألة الحدود. وخيّمت اجواء من التشاؤم ايضا على الجانب المصري، اذ اعرب مصدر مصري موثوق به عن مخاوفه من عدم احراز نتائج ايجابية من هذه الجولة من المفاوضات، وقال ل «الحياة» ان «ما نسمعه من رفض اسرائيلي لتجديد قرار تجميد الاستيطان، ومطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة، غير مبشر... ويجعلنا جميعا نتحسب ونشعر بالقلق من ان تنعكس هذه اللغة سلبا على جولة المفاوضات». ولفت الى ان جولة المفاوضات اليوم هي تنشيط للمحادثات المباشرة، مشيرا الى ان المفاوضات ستستأنف فعلياً غدا في مدينة القدس بحضور كلينتون.