أنجز الفنان الغرافيكي جهاد العامري مشروعه الفني «شاعران على قيد الحياة» الذي يتناول الشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر الإسباني فدريكو غارسيا لوركا، وسيقام للوحات معرض في مدينة غرناطة بداية العام المقبل، بالتعاون مع جامعة غرناطة وبيت لوركا. وتجرى التحضيرات لعرضها في مدينة نيويورك، المدينة التي أثرت في شعر لوركا. يقول العامري: «باعتقادي ان هناك شاعرين مثل درويش ولوركا ما زالا يعيشان معنا ويؤثران في حياتنا الثقافية، ونقبل معهما على الحياة، بأشعارهما الخالدة، التي ما زالت رافداً من روافد الشعر والتشكيل معاً». اختار العامري قصائد مختلفة للشاعرين، ومنها قصيدة «القدس» لدرويش وأنجز حولها 12 عملاً فنياً في شكل كتاب من الغرافيك، ويقول: «في لوحات قصيدة «القدس» استخدمت العناصر المتنوعة ومنها مخططات مدينة القدس في الحقبة العثمانية، والومتيفات والزخارف، اضافة الى الأختام الخاصة بمدينة القدس». ويضيف: «أخذت هذه العناصر لقيمة فنية بحيث تخدم الشكل الفني بعيداً من السرد التاريخي الذي تحتويه هذه العناصر». ويتابع التشكيلي العامري قائلاً: «هدفي من اختيار العناصر وبخاصة المخططات والخرائط والأختام، أن أعيد اليها حقيقتها بعد أن زيفت وهي ما زالت تشوّه، في المتاحف والإعلام الإسرائيلي لتغييب المخططات والأثر الذي يثبت شرعية هذه المدينة، المدينة الكونية، وهي حاضنة كل الثقافات وديانات المجتمعات التي سكنتها، ولا سيما الحضارة الإسلامية والارث الإسلامي. وكما هو معروف يمارس الآن عليها التهويد، في الوثائق التاريخية والموجودات الأثرية. وهناك أبعد من ذلك، إذ لم يتركوا للفلسطيني الذي يسكن هذه المدينة وهي ارث أجداده الكنعانيين، أي أثر من دون أن يزيفوه، وما زالوا يروّجون بحملاتهم الأزياء والطعام الفلسطيني على انهما من الثقافة الإسرائيلية». ويؤكد الفنان العامري: «أخذت الشاعر درويش لأنه شاعر فلسطيني عالمي، وأخذي انتاج مثقف فلسطيني وبخاصة الشعر هو مزجه بالنص البصري. وأما أشعار الإسباني لوركا فكانت محط اهتمامي، لما تمثله من نصوص حية، قادرة على الاستمرار والديمومة من جيل الى آخر. وقد أنجزت 20 عملاً غرافيكياً للوركا وقصائده. وهناك عامل مشترك بين لوركا ودرويش، فغرناطة هي موروث ثقافي إسلامي عربي وقد أخذتها كثيمة مكانية أثرت في الشاعر الإسباني لوركا، والعناصر التي اشتغلت عليها إضافة الى اخذ بعض القصائد هو قصر الحمراء، بما يحوي من زخارف إسلامية، غاية في التعقيدات المعمارية. ومن المعروف انه كان لقصر الحمراء ومدينة غرناطة التي سكنها هذا الشاعر، واستلهم من قصر الحمراء، اثر في نصوصه الشعرية إضافة الى مسرحه». وأبدع العامري في عمله على لوركا رسوماً لها علاقة بالوجوه المسرحية، التي كان يخلقها لوركا في أعماله، ووضعها بصفتها الفنية، ويقول: «استخدمت بعض الموتيفات من قصر الحمراء، بعيداً من التوثيق التاريخي، وطرحت في هذا المشروع بعض الرموز، كي يقتفي المتلقي الأثر الذي سيدخله الى عوالم الشاعر، بعيداً من السرد». وعن علاقة الشاعرين بالمشروع، يوضح العامري: «هنا علاقة نجدها بين الشاعرين، ومن خلال أعمالي سأترك بداية اثراً ليكمله المتلقي من خلال بحث بصري خالص، بعيداً من المباشرة التي تقلل عادة من القيمة الفنية للعمل. وأنشد في هذا المشروع عملاً فنياً خالصاً، بعيداً من الإيضاح، وعملت على مكانين حضاريين، وجدا نفسهما في قصائد شاعرين من منطقتين مختلفتين. أما شخصياً، فإنني أعمل منذ زمن طويل على علاقة الشعر، أي النص الأدبي، ولا سيما الشعري بالنص البصري، وكيفية امتزاج هذين النصين، إذ لكل منهما خصوصيته، بغية إنتاج نص بصري خالص من جو النص المكتوب».