وافق البرلمان العراقي أمس (السبت) على حظر المشروبات الكحولية، في خطوة أثارت قلق العراقيين الذين اعتبروه «انتصاراً للظلامية» ولنفوذ الأحزاب الدينية، ويهدد الحريات العامة في البلاد. وعلى رغم الطبيعة المحافظة للمجتمع العراقي، تتوافر المشروبات الكحولية بالفعل في عشرات المحلات والحانات والفنادق في أنحاء بغداد وبعض المحافظات. وعلى رغم أن تناول هذه المشروبات في الأماكن العامة ليس محظوراً إلا أنه تصرف يبعث على الاستياء. وفي بغداد ليس من الغريب رؤية الشباب يتناولون الكحوليات على ضفاف نهر دجلة. ويأتي الحظر في إطار مشروع قانون لتمويل البلديات. وينص مشروع القانون على «منع استيراد وإنتاج وبيع جميع أنواع المشروبات الكحولية». وقال رئيس اللجنة القانونية في البرلمان النائب محمد الحسن إن «هذا القانون ضروري من أجل المحافظة على هوية العراق كبلد إسلامي». لكن النائب حيدر الملا اعتبر أن القانون يشكل انتصاراً للفكر «الداعشي»، في إشارة إلى الأحكام التي فرضها تنظيم «الدولة الإسلامية» في مناطق سيطرته منذ عامين. وقال الملا وهو قيادي في «ائتلاف العربية» إنه «في الوقت الذي تتضافر جهود كل أبناء الشعب العراقي في الحرب المقدسة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ينبري فريق من الطيف الإسلامي السياسي في مجلس النواب لينتصر للفكر الداعشي في اجتثاث الآخر في معتقده وممارسة حرياته وشعائره». وقال النائب يونادم كنا إن الحظر مخالف للدستور، وأضاف أنه سيحيل المسألة للمحكمة الاتحادية، وأضاف: «هذا القرار يعطي صورة سلبية عما يفترض أن يكون عراقاً ديموقراطياً. إنه خرق لحريات المجتمع وليس لمجموعة معينة». وقال الناشط الحقوقي العراقي دانيال نعمان: «من الواضح أن الأحزاب الدينية تدفع بالعراق ليكون مشابهاً لجارته إيران ولتثبيت نظام حكم ديني». من جهتها، وصفت النائب ميسون الدملوجي عضو «لجنة الثقافة والإعلام» إقرار القانون ب «الإفلاس»، وأكدت أن «القانون تم تمريره من دون عد للأصوات. وأن الفقرة تم تمريرها في نهاية الجلسة»، ورأت الدملوجي أن «هذه الأمور تنظم بقوانين وضوابط، هذه هي الدولة المدنية. وإلغاؤها لا يخدم إلا تجار السوق السوداء». وانتشر رسم كاريكاتوري على مواقع التواصل الاجتماعي يمثل البرلمان وهو يطلق النار باتجاه زجاجة كحول وخلفه «داعش». وأثار الموضوع جدلاً كبيراً على صفحات «فايسبوك» وتعليقات لا تخلو من التهكم والسخرية. وكتب حسين العامري رداً على النائب الحسن «نعم إنه من أهم القوانين المفروض الالتفات لها. فبعد القضاء على البطالة والفساد والإرهاب والطائفية والسمو بالمجتمع إلى أرقى درجات الجمهورية الأفلاطونية الفاضلة وجب سن هذا القانون لإتمام النعمة». ويقول سعد أسود، وهو صاحب عربة قرب محل لبيع المشروبات الكحولية إن «هناك أموراً من شأنها إلحاق الخراب بالبلد، على مجلس النواب أن يعيد النظر بهذا القانون كونه يشكل فشلاً ذريعاً بالنسبة إلي كمواطن». وصوّت نواب على هذا القانون خلال جلسة ترأسها رئيس المجلس سليم الجبوري وحضرها 226 نائباً أيدت غالبيتهم إقرار مادة تمنع استيراد وصناعة وبيع المشروبات الكحولية. ويعاقب من يخالف هذا القانون بغرامة تتراوح بين 10 إلى 25 مليون دينار (بين 8 و20 ألف دولار).