حذر نواب وسياسيون مسيحيون عراقيون، من تبعات إقرار قانون البطاقة الوطنية لمخالفتها حقوق الأقليات والحريات الدينية، لأنه يفرض الانتماء الديني ب «الإكراه»، داعين المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي والجهات ذات العلاقة إلى التدخل. وكان البرلمان العراقي أقرّ مشروع قانون البطاقة الوطنية، بعد انسحاب نواب كتل القوى المسيحية احتجاجاً على ورود فقرة فيه تلزم «الأولاد القاصرين باعتناق الدين الإسلامي (وراثة) من الأبوين». وقال رئيس كتلة «الرافدين» يونادم كنا، ل «الحياة» أن «القانون في عمومه يشكّل خطوة جيدة لإنهاء البيروقراطية، لكن المادة 26 منه جاءت مجحفة وهي أسوأ بكثير مما كانت عليه في زمن النظام الديكتاتوري، وتخالف الشريعة التي تقول: لا إكراه في الدين، كما أنها تخالف خمس مواد دستورية، وإقرار القانون شكّل خيبة أمل بأن الدولة ذاهبة باتجاه النظام الديني وليس المدني، عكس ما تؤكده المرجعية في النجف». وزاد: «سنطعن بالقانون لتعديل الفقرة كي تنسجم مع روح الدستور في المادة الثانية منه، والتي أخذ الشق الأول منها فقط والقائل أن الإسلام دين الدولة، من دون اعتبار لشقّها الثاني الذي يؤكد حماية حقوق الأقليات والأديان، حتى أن ما ورد في قانون الأحوال الشخصية كان أفضل بكثير». وقال سكرتير حزب «بيت النهرين الديموقراطي» روميو هكاري، ل «الحياة» أن «القانون في صيغته الحالية مرفوض قطعاً، وندعو ممثلي أحزاب شعبنا إلى عدم الاكتفاء بالرفض ومقاطعة الجلسة، والعمل على ممارسة النشاطات والضغوط على منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، للعب دورها في مواجهة هذا التهميش والإقصاء والظلم الجائر في حق المسيحيين والأقليات، وفوق ما تعرضت له من جرائم وتشريد واعتداءات على يد تنظيم داعش، فإن هذا القانون يشكل اضطهاداً من نوع آخر». ودعا «علماء ورجال الدين الإسلامي والقوى السياسية العراقية، إلى وضع اعتبار لهذا الشعب العريق ودينه (المسيحيون)، الذي يعيش في هذا الوطن منذ أكثر من ألفي سنة، ومن الإجحاف أن تتسلّط شريحة على باقي الشرائح، وعليه ندعو الرئاسات الثلاث في بغداد وإقليم كردستان الى مساندة مطالبنا». وكان تقرير نشرته صحيفة «إكسبريس يو كاي» البريطانية منتصف الشهر الجاري، حذّر من أن «المسيحية في العراق تواجه خطر الاندثار في غضون خمس سنوات، بسبب الهجرة وحملة تنظيم داعش، ناهيك عن تهديدات بالقتل والتهجير وانعدام الأمان»، مشيراً إلى أن أعداد المسيحيين تراجعت إلى نحو 26 ألفاً بعد أن كانت نحو مليون ونصف المليون قبل عام 2003. وشدّد رئيس كتلة «الوركاء الديموقراطية» جوزيف صيلوا سبي، في بيان، على أن الفقرة المذكورة «تنافي تماماً البناء الجديد للعراق على أساس دستور كافل للحقوق والحريات الدينية، ومجحفة في حق المكونات غير المسلمة»، وزاد أن «الخطوة تتنافى مع جوهر الإسلام ومع فقرات الدستور في المادة (2) الفقرة (ب) و(ج) والمادة (3) والمادة (39) والمادة (40) التي تحمي حقوق المواطنين العراقيين، وتمنع أي محاولة لفرض الدين أو الفكر أو العقيدة عليهم بالإكراه»، وختم بالإشارة إلى أن «هذا القانون هو إحدى فقرات قانون الأحوال الشخصية رقم 65، وقد خلق الكثير من الإشكالات وفيه إجحاف واضح لكرامة الإنسان».