باريس - أ ف ب - أثار شاهدان استمع إليهما القضاة المكلفون التحقيق في مقتل رهبان تيبحرين السبعة في 1996، شكوكاً في ملابسات التعرف الى بقاياهم، مما يُطلق مجدداً التساؤلات حول الصمت الذي التزمته الحكومة الفرنسية حينذاك. وكان الرهبان السبعة خُطفوا ليل 26 الى 27 آذار (مارس) 1996 من ديرهم المعزول جنوب العاصمة الجزائرية والمحاط بمناطق تسيطر عليها الجماعات الإسلامية المسلحة وشهدت العديد من المجازر. ويشرف دير سيدة الأطلس قرب المدية (90 كلم جنوب العاصمة الجزائر) على الأدغال المحيطة وخصوصاً غابة جبال تمزغيدة التي كانت في تسعينات القرن الماضي تحت سيطرة «الجماعة الإسلامية المسلحة» التي تمكنت السلطات من تفكيكها في 2005. وقد تبنت هذه الجماعة التي كان يقودها جمال زيتوني خطفهم وقتلهم. وعثر على رؤوسهم في 30 أيار (مايو) 1996 على حافة طريق جبلي لكن لم يُعثر على جثثهم أبداً. وقدّم كل من طبيب الجيش الذي كان يعمل في السفارة الفرنسية في الجزائر عند مقتل الرهبان والقنصل العام في الجزائر مؤخراً روايته الخاصة لسير عملية التحقق من رؤوس رجال الدين في مستشفى عسكري في العاصمة الجزائرية في أيار 1996. وجاءت الروايتان مخالفتين لتلك التي قدمها سفير فرنسا حينذاك. ففي برقية ديبلوماسية بتاريخ الثاني من حزيران (يونيو) 1996 وصف السفير الفرنسي حينذاك ميشال ليفيك عملية التعرف الى الرؤوس خلال زيارة إلى المستشفى في 31 أيار. وتحدث عن «ملاحظات بصرية لطبيب الدرك» وخصوصاً «الرؤوس في حالة متقدمة من التحلل مع تعفن عام»، وتقدير تاريخ موت الرهبان بين «16 و21 أيار». لكن طبيب الجيش تانتيلي رانواريفانو المتخصص بجراحة الوجه خالف هذه التأكيدات عند استماع قاضي مكافحة الإرهاب مارك تريفيديك إليه في نهاية حزيران. وقال طبيب الجيش في محضر إفادته الذي كشفته صحيفة «لوموند» واطلعت عليه وكالة فرانس برس: «لم أشر إلى تاريخ وفاة الرهبان لأنني لست طبيباً شرعياً». وأضاف: «لا أذكر أنني أعطيت السفير هذه المعلومات التي تبدو دقيقة جداً». وأشار إلى حضور أسقف الجزائر وممثلين للرهبانية وكاهن صديق للضحايا في عملية التعرف، موضحاً أن السفير ذكر ذلك في برقياته. وقال قنصل فرنسا حينذاك فرنسوا بونج الذي حضر جلسة التعرف الى الرؤوس، للقاضي إنه طرح على الطبيب «السؤال عن تاريخ وفاتهم لكنه لم يتمكن من الرد». ورأى محامي الادعاء باتريك بودوان أن هذه المعلومات المتناقضة «تثير تساؤلات كبيرة عن معرفة للسفير في الملف أكبر بكثير مما اعترف به». وأضاف أن «الروايتين تؤكدان قانون الصمت الذي ساد حينذاك وتستحقان التوضيح». وكانت شهادة أدلى بها في حزيران 2009 ملحق عسكري سابق في الجزائر الجنرال فرنسوا بوشوالتر أطلقت التحقيق مجدداً. إذ قال هذا الجنرال إن الرهبان قُتلوا بُعيد خطفهم برصاص أُطلق من مروحيات عسكرية عندما كانوا في معسكر للجهاديين. وأدلى الشاهدان بإفادتيهما لتوضيح عناصر مدرجة في وثائق رُفعت عنها السرية تتعلق خصوصاً بالأحداث التي تلت العثور على رؤوس الرهبان السبعة. ويمكن أن تسمح إفادة الجنرال فيليب روندو المقررة في 27 أيلول بتقديم توضيحات خصوصاً حول دور الاستخبارات الجزائرية التي كان على اتصال معها عند وقوع الحوادث. وكان قاضي مكافحة الإرهاب جان لوي بروغيير استمع إلى روندو في تشرين الأول (أكتوبر) 2006.