أكد اقتصاديون ومحللون ماليون أن ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي وقدرتها المالية أسهم بشكل واضح في الطلب الكبير على سنداتها التي طرحتها أول من أمس (الأربعاء)، ما يمثل عامل الجذب الأول، ومن بعدها تأتي العوامل الأخرى، ومنها تسعير السندات مقارنة بالفوائد المتدنية، ما يجعلها استثماراً جيداً لصناديق الاستثمار والتقاعد والمؤسسات المالية، إضافة إلى تصنيف المملكة السيادي، الذي انعكس على تصنيف السندات. وأشاروا في حديثهم إلى «الحياة»، إلى أن هذا الطرح يعتبر الأكبر على مستوى الأسواق الناشئة، الذي يعكس رؤية المملكة 2030، على رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وأثبت هذا الطرح أن الاقتصاد السعودي متين ويحظى بثقة المستثمرين في مختلف دول العالم. وقال الخبير الاقتصادي محمد العمران، إن الطلب الهائل على أول طرح للسندات السعودية في الأسواق العالمية يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وأنه يحظى بثقة المستثمرين في مختلف دول العالم، إذ يعتبر هذا الطرح الأكبر على مستوى الأسواق الناشئة، ويعكس رؤية المملكة 2030 على رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. وتوقع أن تصدر السعودية إصدارات جديدة من السندات مشابهة لهذا الإصدار ولكن بعملات أخرى مثل اليورو، وهذا يؤكد مكانة وقوة الاقتصاد السعودي في مختلف الأسواق العالمية. ولفت العمران إلى أن الطلب على هذه السندات جاء بسبب ارتباطها بشكل مباشر بخطة متكاملة للإصلاح الاقتصادي في المملكة والمتمثلة ب«رؤية 2030»، ويؤكد ذلك قناعة المستثمرين ورجال الأعمال الدوليين والصناديق الاستثمارية بأن عملية طرح السندات السعودية، يأتي ضمن خطة شاملة تعمل على فتح أبواب الاقتصاد السعودي أمام الاستثمارات الدولية. من جهته، يرى الخبير الاقتصادي والمالي فضل البوعينين أنه يمكن النظر إلى السندات السعودية من جوانب مختلفة، إذ حقق الطرح نجاحاً لافتاً، ونجح في تغطية استثنائية فاق حجمها أربعة أضعاف المبلغ المطلوب، إذ بلغت العروض المقدمة نحو 67 بليون دولار في الوقت الذي استهدفت فيه المملكة جمع 17.5 بليون فقط، ما يعكس ثقة الأسواق والمستثمرين بالسندات الحكومية السعودية على رغم المتغيرات الاقتصادية المحيطة، وانخفاض أسعار النفط المتحكم بحجم الدخل السعودي. وأشار إلى أنه يمكن أن ننظر إلى السندات السعودية والتغطية الاستثنائية، التي جعلت منها أكبر اكتتاب بسندات حكومية سجلته الأسواق الناشئة تصويتاً على الثقة بالاقتصاد السعودي، والملاءة المالية التي مازالت قوية على رغم متغيرات الدخل وانخفاض أسعار النفط. وأعرب البوعينين عن اعتقاده بأن حجم الطرح يؤكد وجود أهداف موازية لهدف تمويل الموازنة وسد العجز، «وأحسب أن دخول الأسواق العالمية، وإيجاد مرجعية للسندات السعودية بعد انقطاع طويل، ودعم السيولة المحلية التي وصلت مستوياتها الدنيا من الأهداف الرئيسة والموازية لأهمية التمويل». ولفت إلى أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الحجم الأكبر من الطلب على السندات السعودية جاء من المستثمرين الآسيويين، وبخاصة صناديق التقاعد والصناديق الاستثمارية الكبرى، وهذا يؤكد أن الشراكة مع الشرق في الوقت الحالي يمكن أن تعزز الاقتصاد المحلي وتسهم بشكل أكبر في جذب سيولة استثمارية ضخمة تسهم في مواجهة المتغيرات الاقتصادية ومتغيرات الدخل. وأضاف البوعينين أنه لا خلاف على أن أسعار السندات السعودية كانت جاذبة للمستثمرين في وقت تقبع فيه أسعار الفائدة عند مستوياتها الدنيا، إلا أن ثقة المستثمرين بالسعودية وقدرتها المالية أسهم بشكل واضح في زيادة الطلب على سنداتها، وهي رسالة يفترض أن يتلقفها الداخل قبل الخارج. ويرى أن ثقة المستثمرين بالسعودية هي عامل الجذب الأول، ومن بعدها تأتي العوامل الأخرى، ومنها تسعير السندات مقارنة بالفوائد المتدنية ما يجعلها استثماراً جيداً لصناديق استثمار التقاعد والمؤسسات المالية، وتصنيف المملكة السيادي الذي انعكس على تصنيف السندات المطروحة. وبين أنه لا يمكن إغفال دور إدارة الدين العام في وزارة المالية، التي نجحت في إدارة الطرح بشكل احترافي، ما ساعد في تحقيق نتائج مميزة كانت السعودية في أمس الحاجة إليها في أول طرح مقوم بالدولار في الأسواق العالمية. وكانت السندات السعودية حققت أكبر سجل أوامر وطلبات في دولة مصدرة للسندات من الأسواق الناشئة بعد أن جمعت 67 بليون دولار من المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية الراغبة في الاكتتاب بالسندات الدولية السعودية. وكان محللون ومؤسسات مالية عالمية تشكك بقدرة السعودية قي جمع بليون دولار، ولكن سجل الأوامر والطلبات تجاوز ذلك بأكثر من أربعة أضعاف. وبلغت القيمة الإجمالية للطرح الأول من السندات السعودية 17.5 بليون دولار (65.6 بليون ريال)، وبلغ المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب 67 بليون دولار (251.3 بليون ريال). الاقتراض سيمكن الحكومة من الاستفادة من انخفاض الفائدة أكد رئيس قسم المحاسبة بكلية إدارة الأعمال في جامعة الفيصل، أستاذ المحاسبة المشارك الدكتور عبدالعزيز الوذناني أن حجم الإصدار 17.5 بليون دولار، وحجم الطلب الذي بلغ أكثر من 67 بليون دولار نحو أربع مرات حجم الإصدار والانخفاض النسبي لمعدل الفائدة عن التقديرات الأولية، هو تصويت ثقة من المستثمرين الدوليين بمتانة ومكانة الاقتصاد السعودي وقدرته على تخطي الصعاب المرحلية المتمثلة بالانخفاض السريع لأسعار النفط في الأسواق العالمية، وكذلك تصويت ثقة ببرنامج التحول الوطني و«رؤية 2030»، وتصويت ثقة بقدرة الكفاءات السعودية لقيادة برنامج التحول الوطني وبناء اقتصاد قوي يعتمد على ما تنتجه سواعد أبنائه وما تبتكره عقولهم وخلق تنمية مستدامة مبنية على الخبره والمعرفة التراكمية للمواطن السعودي الذي لم تبخل الدولة، في الاستثمار فيه ودفعه للمشاركة في بناء وطنه ومستقبله ومستقبل أبنائه. وأشار إلى أن معدل الفائدة لفترات الاستحقاق المختلفة على النحو الآتي: 1- 5 سنوات: 2.63 في المئة، و10 سنوات: 3.44 في المئة، و30 سنة: 4.64 في المئة، مبيناً أن النجاح القوي للطرح الأول للسندات الدولية سيشجع الحكومة في المستقبل على الاقتراض من الخارج، فتوجه الحكومة إلى الاقتراض من الخارج قرار موفق وحكيم ولو كان متأخر بعض الوقت. وقال: «الاقتراض من الخارج سيمكن الحكومة من الاستفادة من انخفاض معدل الفائدة في أغلب الدول المتقدمة، وبذلك تتمكن تمويل عجز الموازنة وتمويل مشاريع التنمية في المستقبل، وفي الوقت نفسه تخفف الضغط عن السيولة المحلية في النظام المصرفي، الذي تأثرت كثيراً نتيجة الاقتراض الحكومي في السنتين الماضيتين، ما أسهم في رفع كلفة الاقتراض بين البنوك (سايبر)، وهذا بدورة رفع كلفة القروض على الشركات والأفراد»، مضيفاً: «توجه الحكومة إلى الاقتراض من الخارج سيسهم في تخفيف الضغط على احتياطات الدولة».