كثيراً ما نوجه اللوم للاعبينا على عدم التزامهم بسلوكيات الاحتراف، بل ونتصيد هفواتهم للدلالة على أنهم ما زالوا على بعد سنوات ضوئية من استيعاب مفهوم الاحتراف، والحقيقة أننا نعاني أيضاً من قصور في فهم الاحتراف وواجباته، خصوصاً أن لاعب كرة القدم ليس بمعزل عن التأثر بالمحيط الاجتماعي إيجاباً وسلباً، ويكفي أن المجتمع مازال لا يعترف بكرة القدم كمهنة معتبرة، لأنها في النظرة العامة مجرد ترفيه لا يقدم للمجتمع أكثر من المتعة الوقتية التي يمكن الاستغناء عنها في أي وقت. ولعل بعض الممارسات من المهتمين بلعبة كرة القدم في بلادنا تؤكد أن القصور في فهم الاحتراف ليس حكراً على اللاعبين، على اعتبار أن هناك رؤساء أندية وأثرياء لا يقلون جهلاً بمفهوم الاحتراف، فضلاً عن عدم قدرتهم على بناء الروح المعنوية لدى اللاعبين والمدربين، وكثيراً ما تجد رئيس نادي أو عضو شرف يتعامل مع اللاعبين بطريقة لا تمت إلى عالم الاحتراف بصلة، ويكفي أن يقدم أحدهم هدية «معلنة» للاعبه المفضل على حساب بقية اللاعبين الذين عملوا بالمجهود ذاته لتحقيق الانتصارات. ومن الممارسات الخاطئة ما قام به عضو شرف الاتحاد منصور البلوي الذي لم يجد حرجاً في التمييز بين لاعبي فريقه ومنح الهدايا لمن يحب وحجبها عن الآخرين، في تصرف أعتقد أنه هدم روح التعاون بين اللاعبين في الملعب منذ فوز الاتحاد ببطولة دوري المحترفين، وأكاد أجزم أن لاعبي «العميد» أصيبوا بالحنق عندما أعلن نايف هزازي عقب مباراة الهلال أنه تحصل على وعد من البلوي بمنحه سيارة «بينتلي» في حال فاز الفريق بدرع الدوري، ومصدر الحنق لم يكن أن الهزازي سيتجول في جدة بسيارته الفارهة، بل لأن حصوله على الهدية يعني في مضمونه تجيير مجهودات لاعبي الفريق إلى الهزازي مع أنه كان مجرد لاعب ضمن كتيبة عملت منذ انطلاق الدوري للحصول على اللقب. ولا يختلف اثنان على أن الاتحاد مؤهل لأن يهزم الشباب في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين قياساً على الدفعة المعنوية التي تحصل عليها الفريق عقب استعادته للقب بطل الدوري، غير أن هدية البلوي كان فيها من السطحية الإدارية والاحترافية ما يكفي لإسقاط الاتحاد في المباريات اللاحقة، خصوصاً أن المباراة النهائية عرفت ظهوراً باهتاً للنمور باستثناء هزازي الذي حرث الملعب بحثاً عن مفتاح «البنتلي»، والطريف أن المهاجم الشاب لم يحصل على السيارة حتى الآن، وفي المقابل لم يسلم لاعبو الفريق من فتنتها وتأثير التمييز في المعاملة على معنوياتهم، خصوصاً أن اللاعبين مازالوا ينظرون إلى البلوي بصفته رئيساً للنادي وأن تصرفه محسوب على إدارة الاتحاد. ومع أن البلوي تصرف بنية حسنة، إلا أن الأمر لا يخلو من غياب الخبرة وقصور في فهم أساليب الإدارة الصحيحة، ما ترتب عليه نتائج غير محمودة أضرت بالفريق وأعادته إلى نقطة الصفر، بدليل تلك التصريحات الانفعالية عقب الخسارة من الشباب وما سبقها من مشادات كلامية قبل المباراة. أستغربُ حقيقة أن يلجأ البلوي إلى هذا الأسلوب في تحفيز لاعبيه، خصوصاً أن التمييز بين اللاعبين، ونهج الهدايا الجانبية كان أسلوباً يعتمده بعض أعضاء الشرف في كثير من الأندية لهدم معنويات الفريق والتأثير في عمل إدارة النادي، وهو ما تسبب في مواسم سابقة بخلافات ملأت الوسط الرياضي على اعتبار أنه وسيلة هدم لا بناء... لم يكن هزازي بحاجة إلى «بنتلي»، لأنه لاعب حماسي بطبعه، ولم يكن لاعبو الاتحاد بحاجة إلى الإعلان عن تلك الهدية المحبطة التي جعلت منهم أحزاباً متناحرة، ولم يكن أنصار «العميد» يرغبون في أن يحب البلوي ناديه بتلك الطريقة المؤذية التي لا تنتمي إلى ثقافة الاتحاد الرافضة للتمييز... ما نتمناه أن يتجاوز الاتحاد فتنة «البنتلي» إلى المضي قدماً في تحقيق الانتصارات الآسيوية من خلال إعادة الهدوء والسكينة إلى نفوس اللاعبين وأخذ العبرة في مستقبل الأيام من هذه الهفوة القاتلة!. [email protected]