عندما يتوحد الإحساس والوجدان مع أوتار العود ونغماته نتيجة الحب بين عازف العود وآلته، لا نستغرب الوصول إلى العالمية. هذه الحال نجدها بين عازف العود العراقي نصير شمه وعوده فحاول بأوتاره اختراق الحدود الدولية. يقول شمة وهو ورئيس بيت العود، ل «الحياة»: عازف العود يحتاج إلى حب حقيقي وقناعة لاختراق حدود بلده بل حدود العالم. حب العود يسري في عروقي ولعل أكثر من جعلني أحب آلة العود هو الفنان الراحل منير بشير الذي حصل على جائزة الأسطوانة الذهبية من فرنسا في أوائل السبعينات، وعلمني أن عازف العود الحقيقي هو من تعبّر عنه موسيقاه على رغم أنني لم أعاصره ولكن عاصرت موسيقاه». وتحدث شمة عن بيت العود العربي، موضحاً أنه اختار بيت الهراوي مقراً له بعدما أبلغ وزير الثقافة فاروق حسني بحاجته إليه (بيت الهراوي) فعبر الأخير عن إعجابه بالفكرة «لكن كان سبب تساؤل الجميع هو تركي دار الأوبرا وذهابي لبيت الهراوي الواقع في مصر الفاطمية، علماً أن الموسيقي الراحل رياض السنباطي كان من الفنانين المعبرين عن البيئة الفاطمية». ويشير إلى أن «بيت العود مليء بالطاقة. فمن يأتي إلى هذا المكان ولديه شعور بالتعب، فسيجد راحة نفسية شديدة، خصوصاً أن البيت مبني من الخشب والحجارة ويساعد في خروج صوت العود في شكل نقي». وعن سر اختياره اسم بيت العود العربي، يقول: «طموحي أن يكون بيت عود عربي بمعنى الكلمة بل يمتد إلى أكثر من ذلك لينفتح إلى الغرب، لذا عندما اقترحت هذا الاسم ظهرت اقتراحات أخرى كمن اقترح أن يكون باسمي ولكنني رفضت وفضلت أن يكون شاملاً أكثر ليستوعب الجميع». ويرى أن «من مزايا بيت العود العربي أنه يشبه جامعة الدول العربية، خصوصاً أن فيه طلاباً من جميع البلدان العربية وهم محتفظون بلهجاتهم إذ لا يوجد ما يجعلهم يغيرون لهجتهم وكذلك الحال بالنسبة إلى المدرسين في بيت العود فهناك أساتذة من بلاد الشام والعراق ومصر والسودان والجزائر»، مشيراً إلى افتتاحه فروعاً لبيت العود في كثير من البلدان العربية أبرزها السودان وقطر وأبو ظبي والجزائر والقسطنطينية ومدينة قرطبة بإسبانيا كما توجد ورش عمل في تونس والأردن وباريس وسورية والمغرب. ويتمنى شمه أن «تكون هناك مشاريع عربية ليس فقط على المستوى الفني بل على المستوى السياسي والاقتصادي لأنني أضمن نجاحها مثلما نجحت فنياً». ويعبر شمه عن سروره بنجاح حفلته التي أقامها أخيراً في بعلبك وكان بصحبته عازفو بيت العود العربي، مشيراً إلى انطلاق ملتقى مصر الدولي الأول للعود في 16/9 حتى 19/9 في المسرح الكبير في دار الأوبرا حيث ستتم إقامة العديد من ورش العمل وستقام ندوات عن مستقبل العود، كما سيحضر عازفون من جميع البلدان العربية والغربية كما أنه سيوجد العديد من المعزوفات الجديدة. وعن معزوفته قصة حب شرقية، يشرح شمه قائلاً: «كانت فكرة العزف على العود مصاحباً بالنقر على زند العود مستحيلة في بدايتها إلا أنني قدمتها في عام 1986 لأول مرة وهي تساعد مبتوري الأيدي لتقدم لهم المعونة والمتعة في الوقت نفسه حيث إنها تجعل المستمع يشعر بأنه يوجد لحن مضاف إلى لحن». وعن مستقبل العود يقول: «على رغم زعم كثيرين أن العود في اندثار، فانني أرى عكس ذلك تماماً. هناك تزايد في عدد الشباب المقبلين على آلة العود ولعل هذا السبب وراء إقامتنا فروعاً في البلدان العربية».