قد يكون هذا الطرح مستهلكاً بل تعد بعض النقاشات حوله هدراً كلامياً لا يصل للقلب، لكن ربما ستثمر كثرة الطرق على أبواب في الدماغ مغلقة بفعل استقاء القرارات من الآخرين - عشاق المقارنة - الذين يهمهم أن يسعدوا بالجديد كل يوم، ولا يشترط أن يكون الجديد مفرحاً، بل ما أحلى أن يكون الخبر محزناً أو من المواضيع التي تكثر فيها التساؤلات، وتحضر فيها أسرع الإجابات، الواقع يكشف أننا مسلوبو القرارات وحتى الخيارات، بل نحب أن تختم أدمغتنا بالشمع الأحمر من باب الراحة، لكن تنقلب الدنيا إن فوجئنا بما لم يكن في الحسابات الأولية، ونحن الذين نحسب الريال الواحد من قبل. على رغم ما سبق أنا مجبر على أن أرفع القبعة احتراماً لمواطن زوّج ابنته المعلمة لابن أخيه بخمسين ريالاً ضارباً مثالاً رائعاً في تسهيل أمور الزواج والقضاء على رقم من أرقام العنوسة، هو ليس الأول بالتأكيد ولكن مثاله الذي يختار لابنته شريك الحياة ويسهم معهما في أن يقفا على الأرجل من دون أن يكسر ظهورهما ويحطم أحلامهما تراكم أقساط أو قروض على المدى الطويل لهو مثال نادر يستحق الاحترام، هذا الأب لم يفكر للحظة في راتب ابنته كحال البعض حين يقبض عرق جبين الفتاة مبكراً، وإن دفعها لشريك حياة فانه يشترط من تحت الطاولة أن يحتفظ ببقايا من رائحة ابنته وليته احتفظ بشيء يعكس دور الأبوة وإنما كان الاحتفاظ ببطاقة الصراف، أعود لتصرف الأب النبيل ذلك الذي شاهد في العريس خيراً قادماً، واشترط عليه أن يعامل الزوجة معاملة حسنة، لم يسأل عن جيبه، ولا عن حساباته البنكية بل وقف معه وهذا يكفي، أكثر ما يعجبني حين أقرأ سقفاً أعلى لتحديد المهور فيما الحقيقة من خلف الكواليس تفجعنا بأرقام خيالية تجعل الشاب يتراجع عن فكرة الزواج كونها مهمة انتحارية، إما انه سيفاجأ خلالها بولي يخاف على بناته فيدفع بهن لحياة زوجية سعيدة أو آخر متوقع يجيد الاستقبال باليمين، ويسجل الطلبات والشروط باليسار برغبته أو لكونه لا يملك قراراً صارماً، كون الصرامة تأتي من الغرف الخلفية من المنزل. صديقي الذي اقترن بزوجة قريباً يقول: كان مهر الزواج 40 ألف ريال شاملاً كل الرغبات والاستحقاقات، قلت له في زمننا الحالي يعد ذلك معقولاً نسبياً إذا ما أردنا أن نفي بمتطلبات فرضتها المظاهر والتدخلات من الأسر الفضولية، قال: هذا ما كان مكتوباً في العقد أما الحقيقة فقد دفعت مثل هذا المبلغ أربع مرات في سبيل أن اهنأ بزيجة مثالية، وأنعم بمستقبل متوسط من دون منغصات، والكارثة أنني كلما انتظرت الراتب الشهري وتقسيم الديون والأقساط ندمت على اليوم الذي تقدمت فيه للزواج وكرهت الزوجة. من لا يثق بالشاب القادم فلا يغسله بقرض أو أكثر من أجل أن يسعد ابنته، سعادة الفتاة لم تكن يوماً من الأيام في تعاسة زوجها، هاتوا لي شيئاً مثمراً وإيجابياً، لأن يتزوج شاب في مقتبل العمر برقم مالي يحتاج لضعف عمره حتى يتخلص من آثاره ولا يمرر لي أب طامع أكذوبة أنه يبحث لابنته على الستر فيما هو يسلخ الشاب من بداية حياته، وكأن ابنته ستعيش مع زوجها لراتب أو راتبين، مرة أخرى إن لم تثق كأب وولي أمر في القادم لست مجبراً عليه، دعه يختار شريكة عمر أخرى بلا أقساط وديون! [email protected]