في خطوة تؤكد التزام الدولة المصرية بالنهج السلمي مع «الجماعة الإسلامية» بعد وفاة نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة اللواء أحمد رأفت الذي يوصف بأنه «مهندس مبادرة وقف العنف»، أطلقت السلطات محمد عمر عبدالرحمن، نجل «أمير» الجماعة، بعد نحو 5 سنوات امضاها في السجون المصرية. واعتبرت «الجماعة الإسلامية» الإفراج عن الشاب المكنى «أسد الله» رسالة تؤكد استمرار الدولة في نهج المصالحة. وكانت وفاة اللواء أحمد رأفت الذي تولى لسنوات ملف «الجماعة» وتفعيل مبادرتها، أثارت مخاوف من تغيير نهج الدولة في التعامل مع اعضائها داخل السجون وخارجها. وقال منظّر «الجماعة» الدكتور ناجح إبراهيم: «تخيّل الكثيرون أن تفعيل المبادرة قد يتأخر إن لم يتوقف كلياً بعد وفاة اللواء أحمد رأفت رحمه الله، ولم يتصور البعض أن بعض ملفات المبادرة المهمة قد يتم تفعيلها بمعدل أسرع من ذي قبل وأن تدور عجلة هذه الملفات بسرعة أكثر من ذي قبل ومن أهم هذه الملفات ملف خروج الأخ محمد عمر عبدالرحمن». ويُعتبر «أسد الله»، النجل الأكبر ل «أمير» هذه الجماعة، من قيادات التنظيم المصري وعاش فترة كبيرة من عمره في أفغانستان ثم انتقل إلى باكستان بعد قرار الملا عمر زعيم حركة «طالبان» الانسحاب أمام الغزو الأميركي لبلاده العام 2001، وهو القرار الذي يعتبره «أسد الله» خطأ استراتيجياً - على حد وصف مقربين منه قالوا إنه سيكشف تفاصيل مثيرة ل «سنوات الجهاد» في حوار يُنشر قريباً مع موقع «الجماعة الإسلامية» على الانترنت. وأوقفت السلطات الباكستانية محمد عمر عبدالرحمن في العام 2002 وسلّمته إلى القوات الأميركية التي اعتقلته في قاعدة «باغرام» العسكرية في أفغانستان حتى 2005. وقال ناجح إبراهيم ل «الحياة» إن السلطات الأميركية «عذبته» خلال هذه السنوات قبل أن تسلّمه إلى السلطات المصرية التي عاملته معاملة حسنة في سجونها «فلم تمنع عنه أي شيء ... حتى أنه فوجئ بهذه المعاملة الحسنة». واعتبر إبراهيم أن «خروج أسد الله في هذا التوقيت يعد رسالة مفادها أن المبادرة لا تخص فرداً بعينه تحيا بحياته وتموت بموته ولكنها سياسة ثابتة للدولة المصرية التي ترى اليوم أن الجماعة الإسلامية هي جزء من المجتمع وعليها أن تسعى إلى دمجها في المجتمع وأن يكون لها دور إيجابي فيه وأن يتوقف الصراع بينهما لأنه لا يصب في مصلحة أحد ويضر الدولة والمجتمع والإسلام والحركة الإسلامية نفسها، كما أن المبادرة لا تعتمد اليوم على شخص بعينه من الدولة ولا تعتمد أيضاً على شيوخ بعينهم، إذ توسع نطاقها في الجماعة نفسها وأصبح لها منظّرين ومفكرين ودعاة وكتب ومواقع». وتمنى أن تفرج السلطات الأميركية عن الشيخ عمر عبدالرحمن.