تشهد حركة «فتح» أزمة جديدة فجّرها قرار الرئيس محمود عباس تحديد مكان انعقاد المؤتمر العام السادس وموعده وعدد اعضائه، وتشكيل حكومة جديدة استُثنت منها هيئات ومؤسسات ومراكز القوى في الحركة. ويمثل الرئيس محمود عباس قطبا في هذه الازمة، تقابله غالبية اعضاء اللجنة المركزية في الطرف الآخر. وبدأت الازمة عندما تدخل عباس في الجدل الداخلي الدائر في «فتح» في شأن زمان انعقاد المؤتمر العام ومكانه وعدد اعضائه، معلناً عن تحديد الاول من تموز (يوليو) المقبل موعدا لعقد المؤتمر، والضفة الغربية مكانا لعقده. وزاد ان عدد اعضاء المؤتمر لن يكون 650 عضوا (كما أوصت اللجنة التحضيرية للمؤتمر) المؤلفة من اعضاء في اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وانما سيكون اكثر بكثير من 1200 عضو، اي رقم قريب مما يطالب به الجيل الشاب في الحركة (1500عضو). وأثار اعلان عباس عن مكان عقد المؤتمر (الضفة الغربية) غضب غالبية اعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر واعضاء اللجنة المركزية الذين عقدوا سلسلة لقاءات غير رسمية في عمّان حملوا فيها بشدة على قرار الرئيس، وشكك بعضهم في حقه في تحديد مكان عقد المؤتمر وزمانه وعدد اعضائه من دون الرجوع الى مؤسسات الحركة، خصوصا اللجنة المركزية. وتزعّم التيار المعارض لخطوات الرئيس كل من مسؤول التعبئة والتنظيم في الحركة احمد قريع (ابو علاء)، واعضاء اللجنة المركزية الثلاث المقيمين في تونس فاروق القدومي وابو ماهر غنيم ومحمد جهاد. واعتبر الثلاثة القرار استهدافا لهم لأنهم رفضوا منذ تأسيس السلطة دخول الاراضي الفلسطينية من «بوابات تسيطر عليها اسرائيل». لكن المقربين من الرئيس عباس يقولون إنه لجأ الى هذا القرار بعد تفجر صراع داخل الحركة بين اللجنة التحضيرية وقيادة الاقاليم. وكانت قيادات اقاليم، الحركة المنتخبة في الضفة الغربية، اعلنت رفضها المشاركة في مؤتمر حددت اللجنة التحضيرية عدد اعضائه ب650 عضوا. وذهبت حد التهديد بعقد مؤتمر خاص لها وانتخاب قيادة الحركة في الضفة. وهب عدد من اعضاء اللجنة المركزية للدفاع عن قرار عباس، في مقدمهم الناطق باسم أمانة سر اللجنة المركزية حكم بلعاوي الذي اصدر اول من امس بيانا جاء فيه «ان قرار عقد المؤتمر في الموعد والمكان المحددين أعلنه عباس بعد مخاض دام ما يقرب 5 سنوات». وقال إن عباس لجأ الى تحديد مكان المؤتمر في الضفة بعد رفض عدد من الدول العربية استضافته، وذلك في اشارة الى مصر والاردن اللتين لم ترحبا بعقد المؤتمر على اراضيهما. وذكّر اعضاء اللجنة المركزة المعارضين لقرار الرئيس بأنه يحتل موقع القائد العام للحركة، ما يتيح له اصدار مثل هذه القرارات. وعارض البيان عقد اجتماع شامل للجنة المركزية اوائل حزيران (يونيو) المقبل دعا إليه المعارضون، وقال إن «الدعوة لهكذا اجتماع تصدر عن الرئيس القائد العام». وشكلت المشاورات الجارية لتشكيل حكومة جديدة للسطلة عاملاً اضافياً في تفجر الازمة داخل حركة «فتح» بين الرئيس وعدد من مراكز ومؤسسات الحركة، خصوصا في اللجنة المركزية وكتلة «فتح» البرلمانية. واظهرت هذه المشاورات ان الرئيس عباس يميل الى تولي شخصيات مستقلة او من «تكنوقراط» الحركة مناصب وزارية. ووصل اصرار عباس على الشخصيات المستقلة حد حدوث خلاف بينه وبين رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض الذي لم يخف سعيه لتعزيز الحكومة بعدد من ابرز الشخصيات التكنوقراطية في «فتح». فعلى سبيل المثال، اصر عباس على ابقاء وزير الخارجية الحالي رياض المالكي في منصبة وزيرا للخارجية فيما اصر فياض على ترشيح شخصية «فتحاوية» مثل الدكتور ناصر القدوة وزير الخارجية السابق وابن شقيقة الرئيس ياسر عرفات او غيره لهذا المنصب. وتشير مصادر مطلعة ان عباس وفياض اتفقا اخيرا على ابقاء المنصب شاغرا في الفترة المقبلة لحين الاتفاق على شخصية مناسبة. ورجحت هذه المصادر اعلان الحكومة غدا. واثار اصرار عباس على استثناء مؤسسات «فتح» ومراكزها من مشاروات تشكيل الحكومة غضباً عارماً بين الكثير من اعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري عبّر عنه رئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الاحمد بقوله إن الكتلة «قد تعارض هذه الحكومة» لأنها لم تُستشر في تشكيلها.