تيبحرين (الجزائر) - أ ف ب - استعاد دير تيبحرين الجزائري الواقع على تلة والذي كان يعيش فيه الرهبان السبعة محور موضوع فيلم «رجال وآلهة»، صفوه لكن أبوابه ما زالت مغلقة. ويقول محمد (60 سنة) الذي يقطن أحد المنازل المبنية من الطوب المتناثرة تحت الدير: «لا أحد يمكنه دخول الدير إذا لم يكن برفقة جان ماري (لاسوس)»، وهو أحد قساوسة الإرسالية الفرنسية الذي يأتي من العاصمة الجزائرية إلى تيبحرين مرات عدة أسبوعياً. وأضاف: «هنا لا أحد ينسى الرهبان. كانوا يقدّمون المساعدة لكل شخص يطلبها. لكننا اليوم نريد نسيان هذه الأحداث المأسوية وطي الصفحة». ويشرف دير سيّدة الأطلس قرب المدية (90 كلم جنوب العاصمة الجزائر) على الأدغال المحيطة وخصوصاً غابة جبال تمزغيدة التي كانت في تسعينات القرن الماضي تحت سيطرة «الجماعة الإسلامية المسلحة» في الجزائر والتي تمكنت السلطات من تفكيكها في العام 2005. وأضاف محمد وهو يشير بزهو إلى كيس في يده: «اليوم يمكن أن نذهب إلى تمزغيدة بكل أمان. وقد قطفت لتوي حبّات تين جميلة». ويلقى تين تيبحرين (ومعناها البستان بالأمازيغية) إقبالاً كبيراً بين أهالي جبال المنطقة. وقال أسقف العاصمة الجزائرية المونسنيور غالب بدر: «بمساعدة أخوين جزائريين يوسف وسمير وهما يتحدران من تيبحرين، يهتم القس جان ماري بزراعة أراضي الدير». وأضاف: «يزور جان ماري الدير أربع مرات في الأسبوع أيام الإثنين والثلثاء والخميس والجمعة. وهو يتولى أيضاً متابعة مشاريع للأهالي في تيبحرين خصوصاً في مجال المساعدة الطبية». وأوضح: «في تيبحرين لدينا أكثر من عشرة آلاف متر مربع من الأشجار المثمرة معظمها اشجار تفاح». وأضاف: «هناك أيضاً أخت مكلّفة على أساس طوعي، بتعليم نساء تيبحرين والقرى المجاورة الخياطة وتمكينهن من كسب بعض المال بفضل المنتجات التي يصنعنها». وبالإضافة إلى القس هناك ثلاث راهبات من بيت لحم مقيمات في العاصمة يزرن أيضاً أربع مرات في الأسبوع تيبحرين «للحفاظ على الحياة الروحية للدير» واستقبال زوار محتملين خصوصاً من يأتي للترحم على الرهبان السبعة عند قبورهم. وأقيمت للرهبان المغتالين قبور بسيطة تميّزها كومة رمل صغيرة وضعت عليها شواهد من الرخام الأبيض تشير الى اسم من دفن فيها. ولم تدفن في هذه القبور الا رؤوس الرهبان حيث لم يعثر أبداً على بقية جثثهم. ويقول بدر «بعد 14 سنة من مقتلهم لا يزال اهالي المنطقة يتأثرون لدى تذكّر ما فعله الرهبان الذين ما كانوا يخشون الاغتيال». وكان الرهبان السبعة خطفوا ليل 26 - 27 آذار (مارس) 1996 من ديرهم المعزول المحاط بالأدغال التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة حيث كانت عمليات القتل مألوفة آنذاك. وقد عثر على رؤوسهم بعد اكثر من شهرين، في الرابع من حزيران (يونيو). وصدرت مزاعم قبل سنوات بأن الرهبان قضوا نتيجة قصف جوي جزائري بطريق الخطأ على موقع للإسلاميين المسلحين.