رغم اتفاق كبار المسؤولين في الدول الغنية والفقيرة، في الآونة الأخيرة، على تحسّن الاقتصاد العالمي، إلا أن القلق ما زال مسيطراً عليه. فسياسات التيسير النقدي في اقتصاد الدول الكبرى، تقود لتذبذب كبير في تدفقات رؤوس الأموال في اقتصاد الدول الناشئة، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة الإستقرار. أما الدول الغنية، فترى أن اكتناز العملة في الدول الناشئة، يعرقل التقدم نحو مزيد من الاستقرار الاقتصادي العالمي. وأدى تراكم التوترات على مرّ السنوات إلى تأزم اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين، في واشنطن، الأسبوع الماضي، ودلّت تصريحات كلّ من واشنطن ودلهي على ذلك. ورغم اتفاق دول مجموعة العشرين على تحسّن أوضاع الاقتصاد العالمي، إلا أن التوترات السياسية تشير إلى عدم إحراز تقدم يُذكر في إعادة التوازن للاقتصاد العالمي، بدلاً مما نراه حالياً من اقتراض ضخم من جانب الدول الغنية، للاستيراد من الدول الفقيرة. وقال محافظ البنك المركزي الهندي، راغورام راجان، أمام لجنة قبل اجتماع مجموعة العشرين، إن "الأوضاع غير سليمة"، مُضيفاً أن "سياسات التيسير النقدي التي طُبقت على مدى أعوام في الدول المتقدمة، دفعت الأسواق الناشئة للاحتفاظ باحتياطيات أكبر من الدولار، كي تستطيع التدخل في أسواق العملة، لحماية اقتصاداتها جراء التذبذب الكبير لتدفقات رأس المال"، ومشيراً إلى أن الحاجة لاكتناز العملات تتنامى، إذ يبدو أن الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان ستبقي على سياسات التيسير النقدي، لعدة سنوات مُقبلة". وقال محافظ بنك البرازيل المركزي، ألكسندر تومبيني، عن سياسات الدول الغنية إنه "ينبغي دراسة المردود والتأثيرات التي تمتد على الاقتصاد". وتقول الولاياتالمتحدة إن "جهود التحفيز تفيد اقتصاد الدول الناشئة، من خلال دعم الاقتصاد العالمي"، مُضيفةً أن "اعتماد الفقراء على التدخل في أسواق العملة، يكبح الاقتصاد العالمي". ويعتقد عدد كبير من الاقتصاديين أن "الاقتراض الضخم في الولاياتالمتحدة، أكبر دولة مستهلكة في العالم، غذى فقاعة الأصول التي قادت للأزمة المالية بين عامي 2007 و2009". وقال مسؤول بالخزانة الأميركية إن "مقاومة العديد من الأسواق الناشئة للانتقال بوتيرة أسرع لأنظمة أسعار صرف تحددها السوق، تعرقل إعادة التوازن الضرورية لضمان تعاف عالمي قوي ودائم". ويرفض المسؤولون في الدول الغنية دعوة راجان لتعزيز التنسيق بشأن السياسة النقدية. وصرح نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، فيتور كونساتنسيو، إن الاتجاه لتعاون أوثق بين واضعي السياسات لن ينجح إلا إذا سمحت الأسواق الناشئة بارتفاع قيمة عملاتها، ولكن ذلك لم يتحقق بعد. وقال الاقتصادي في معهد بروكينجز وجامعة كورنل، أسوار براساد، إن دور السياسات النقدية في تحفيز النمو الاقتصادي والمحافظة على الاستقرار المالي لن يتضخم إذا نشطت الحكومات، مُضيفاً "انتهى الحال بالبنوك المركزية بأن تخوض حروباً بالوكالة عن ساسة عاجزين، ولا يرغبون في عمل المطلوب. لا أرى أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح."