تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام في مدينة حلب شمال البلاد، في ظل انسداد الأفق الديبلوماسي، فيما أعلنت موسكو اليوم (الإثنين) عزمها تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية إلى «قاعدة عسكرية دائمة». وفي الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب، أفاد مراسل عن استمرار الاشتباكات على محاور عدة تركزت بشكل خاص على حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق). وترافقت المعارك مع قصف جوي عنيف على مناطق الاشتباك استمر طوال الليل، وتعرضت أحياء أخرى في المنطقة الشرقية إلى قصف جوي ومدفعي محدود. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» اليوم ب «مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح نتيجة سقوط صاروخ يعتقد أنه أرض - أرض أطلقته قوات النظام على حي الشعار». وتنفذ قوات النظام السوري هجوماً على الأحياء الشرقية منذ 22 أيلول (سبتمبر) الماضي. وحققت منذ ذلك الوقت تقدماً بطيئاً على جبهات عدة، وتمكنت السبت من السيطرة على منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة، وباتت تشرف بالنتيجة على أحياء عدة في الجهة الشمالية. وأعلنت «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) «استعادة السيطرة على نقاط عدة» كان الجيش السوري تقدم فيها في حي بستان الباشا. ومنذ بدء الهجوم قبل أكثر من أسبوعين، قتل أكثر من 290 شخصاً، بينهم 57 طفلاً، في غارات جوية روسية وسورية وقصف مدفعي لقوات النظام على الأحياء الشرقية. وتعد مدينة حلب جبهة القتال الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضرراً منذ اندلاعه. وتشهد سورية منذ آذار (مارس) 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ودفع سكان مدينة حلب ثمناً باهظاً للنزاع بعدما باتوا مقسمين بين أحياء المدينة. ويقطن أكثر من 250 ألفاً في الأحياء الشرقية وحوالى مليون و200 ألف آخرين في الأحياء الغربية. وتشكل حلب محور الجهود الديبلوماسية حول سورية، إلا أن اجتماعاً لمجلس الأمن السبت أبرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية حول سورية وحلب تحديداً. واستخدمت روسيا، الداعم الرئيس لنظام بشار الأسد، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف إطلاق النار في حلب ووقف فوري للقصف الجوي على المدينة. وبعيد ذلك، رفض مجلس الأمن مشروع قرار روسي يدعو إلى وقف الأعمال القتالية من دون ذكر للغارات. وتدهور الوضع الميداني في شرق حلب عقب انهيار هدنة في 19 أيلول (سبتمبر) كان تم التوصل إليها بموجب اتفاق أميركي - روسي وصمدت أسبوعاً. وتصاعد التوتر بين الطرفين منذ ذلك الحين، وأعلنت الولاياتالمتحدة تعليق محادثاتها مع روسيا حول سورية. ووسط التوتر القائم بينهما، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف اليوم (الإثنين) أن موسكو تعتزم تحويل منشأتها «العسكرية في مدينة طرطوس شمال غربي سورية إلى قاعدة عسكرية دائمة». وصرح بانكوف «في سورية، ستكون لنا قاعدة بحرية دائمة في طرطوس»، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية وأنه «يتم إعداد الوثائق اللازمة». وتابع بانكوف متحدثاً أمام «لجنة الشؤون الخارجية» في «الدوما» (البرلمان الروسي) «نأمل أن نطلب منكم قريباً المصادقة عليها». ويعتبر هذا الإعلان خطوة جديدة تتخذها روسيا لتعزيز تواجد قواتها في سورية وسط تزايد التوترات مع الغرب بسبب حملة القصف التي تشنها موسكو دعماً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وذكرت وزارة الدفاع الروسية الأسبوع الماضي أنها نشرت نظام صواريخ الدفاع الجوي «أس-300» في طرطوس محذرة واشنطن بأنها ستوقف أي محاولة لشن عمليات قصف في سورية. وأرسلت موسكو ثلاث سفن تحمل صواريخ لتعزيز قواتها البحرية قبالة السواحل السورية. ولم يكشف بانكوف عن موعد لتحويل المنشأة التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية، إلى قاعدة بحرية دائمة. وقال إن الهدف الرئيس لنظام «أس-300» هو حماية منشأة طرطوس البحرية.