التدين هو الفطرة التي فطر الناس عليها فمنهم من ضل ومنهم من اهتدى. بينما التطرف والغلو - كما يطلق عليه في أدبيات الشرع الإسلامي - شذوذ عن منهج التدين السليم فالله يقول في دستور المسلمين (قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحق) (سورة المائدة آية: 77)، ورسول الإسلام يقول بصريح القول: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو بالدين). من هنا فإن على وسائل الإعلام الغربية أن تفهم أن هناك بوناً شاسعاً بين الاعتدال في الدين والتطرف فيه، يقول السفير السعودي في دولة الكويت أ. أحمد بن حمد اليحيى في بحث نفيس عن الغلو والتطرف من منظور اجتماعي: «يجب عدم الخلط بين التمسك بالدين الحنيف والالتزام بأركانه وبين الغلو والتطرف فيه، فالأصل هو التمسك بالدين وتعاليم الشريعة السمحاء قولاً وفعلاً، وهو واجب كل مسلم، فالجميع أهل دين وعقيدة وإسلام ولله الحمد، ولكن الفرق بين هذا وذاك هو الاعتدال والوسطية في الدين أو الغلو والتطرف فيه». هذه الحقيقة الناصعة التي تلزم مفكري الأمة الإسلامية وإعلامييها توضيحها لمفكري ووسائل الإعلام الغرب، خصوصاً بعد التشويش الذي حصل بسبب أحداث 11 سبتمبر في أميركا والأحداث التي تلتها في العالم الاسلامي، منطلقين من قول رسولهم عليه السلام في أحد مسلمات هذا الدين وثوابته: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه). فأين دين اليسر من التطرف والغلو أو الإرهاب؟. إن هذه حقيقة الإسلام - لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد - دين بعيد عن التطرف أو الإرهاب بل هو دعوة للحياة وإعمار الأرض من قبل هذا الإنسان. ولو نظر الآخرون والمهتمون إلى تجارب التنمية في بعض الدول الإسلامية مثل: «المملكة العربية السعودية» ومثل «ماليزيا» لوجدوا على أرض الواقع أن الإسلام هو دين الحياة والعطاء، وأن الإسلام لم يقف أمام مسيرة الإعمار والإنماء فيهما فمثلاً تعليم المرأة بالمملكة العربية السعودية وصل إلى أقصى درجاته، ولم يمنع الحجاب المرأة السعودية المسلمة أن تحصل على أعلى الشهادات، وأن تصبح أكاديمية وطبيبة ومعلمة وأديبة إلخ، وفي «ماليزيا» - مثلاً - التي نافست أرقى الدول في النهضة الصناعية لم تقف قيمها أمام تقدمها الصناعي، وقد جمعت هذه الدولة بين «التقوى والتقنية معاً» - كما قال رئيس وزرائها مهاتير محمد - وذلك في تناغم جميل إذ لم تقف التقوى أمام التقنية ولم تحجب التقنية روح التقوى. * عضو في مجلس الشورى.