تحذير أمير الجوف فهد بن بدر بن عبدالعزيز لمسؤولي المياه والكهرباء في المنطقة بأن تكرار مشكلة انقطاع الماء والكهرباء سيجعله يُقْدِم على قطع هاتين الخدمتين عن منازلهم ليشعروا بمعاناة المواطنين، مؤكداً أن الماء والكهرباء من أبسط حقوق المواطن، هذا التحذير مماثل لنهج الفاروق «رضي الله عنه»، الذي كان لا ينام الليل قبل القيام بالتجول لتلمس حاجات الناس، في عصر لم يتوفر فيه أي من الأدوات العصرية من هواتف وجوالات وشبكة عنكبوتية وحواسيب وسبل الاتصالات المتعددة، ومع توافرها الآن، هناك من تعمَّد رفع سماعات الهواتف وتركها مرفوعة! والرد الآلي سيكون تلقائياً: بأن الموظف مشغول في خدمة مواطن آخر! يندرج تحت هذه القائمة كل السلبيات المنتشرة والسائدة، كالبطالة، والافتقار إلى السكن، فلا يُعقل في بلد مساحته شاسعة وشبه قارة لا يكون المواطن فيه ساكناً في أرضه ومستفيداً مما وفرته الدولة من قروض عقارية، بدل الإيجار القاصم للظهر، الذي يستنزف نصف دخله، وهنا يأتي دور البنوك المنتشرة في البلاد، التي حققت أرباحاً خيالية، وكان الأحرى بالبنوك إقامة مشاريع سكنية منتهية بالتمليك وبإيجارات رمزية «تقسيط» كنوع من الوفاء ورد الجميل لهذا الوطن المعطاء. توجيهات الأمير مؤشر قوي على التوجه الحاسم لحسم الأمور، فلا يُقبل في بلد كالسعودية، أن يبقى فيها فرد واحد محروماً من فرص العمل وتملك سكنه الخاص والزواج، وبذلك لن تبقى أي عانس، فالحياة في المجتمع الواحد لن تكون طبيعية ومتكاملة إلا بترابط جميع جوانبها، والتعامل معها بمنظور واحد وبتيقظ دائم ومن الجميع «كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» الحديث. ومع تلمس أي مسؤول وفي أي قطاع حاجة المواطن عبر مقارنته بأبنائه وبناته هو، فسيكون ذلك دافعاً قوياً له لبذل كل ما يستطيع لتوفير الخدمة التي كلفه بها ولي الأمر حين أقامه على ذلك المنصب، وكم كرر المليك تعليماته بتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين كافة، فكان لزاماً الحرص من الجميع على تنفيذ ذلك على أرض الواقع، ولأن الإنسان يغلب عليه الضعف البشري (وخُلق الإنسان ضعيفا) الآية، كان لابد من جهاز متابعة كبير وقوي وضخم وفعَّال للإشراف على التنفيذ والمتابعة والمراقبة في كل المجالات، وأن نرى في كل مشاريع البنية التحتية والفوقية مشرفين ومراقبين سعوديين مُعتمرين خوذات العمل ومنخرطين بين العمال المستقدمين التابعين لشركات المقاولات، وسيرون مدى التقاعس والإهمال وسوء التنفيذ أثناء العمل، ما يتسبب في تأخر الإنجاز، ورداءة العمل. إن إنشاء أجهزة مراقبة مدنية يضاهي تماماً أجهزة المراقبة الأمنية كافة، فلولا الأجهزة الأمنية وقوتها بالمملكة لما استتب الأمن، فلابد من توفُّر أجهزة المراقبة والمتابعة والإشراف الفعَّالة في جميع الأنشطة المدنية، حتى نضمن تمام العمل وكفاءة الإنتاج والجودة النوعية والتقيد بالأسقف الزمنية، فالأسقف الزمنية مهمة بمثل أهمية البلايين المعتمدة للمشاريع أو بلايين الموازنة العامة للدولة للخدمة المدنية وغيرها، فالوقت والزمن هما من عُمر البلاد، فلا يحق لأي كيان إداري أو مؤسسي أو شركة أو مجموعة أو فرد – أياً كان – هدر أي جزء من وقت الدولة، فلا يُعقل أن يفرط المسلم العارف بالمواقيت بالأسقف الزمنية لمعاملات الناس، سواء كانت المعاملة في جهاز مدني أو أمني أو خاص، وأَوْلى الناس بالحرص على ذلك هم العاملون في القطاع العدلي، فقضايا الناس يجب أن تُحسم في الحدود الزمنية الشرعية التي حددها الشرع الحنيف، ضمن الأسقف الزمنية التي لا يختلف إثنان على مدتها! لا أن تدور الأشهر وراء الأشهر، وتعقبها السنون وتستمر القضايا معلقة؟ وهذا شرعياً لا يجوز. ولنبدأ بأهم بند من بنود إعادة الأمور إلى نصابها: ألا وهو تأهيل العمالة كافة المستَقْدمة والوافدة والمقيمة، وكذلك المواطنين، ومع تأهيل الجميع سيتم حلحلة وخلخلة التضارب الشنيع الحاصل بين أعداد العمالة المُستقدمة والوافدة والمقيمة، وبين عدد الشباب السعودى العاطل، وبمجرد تفعيل نظام القياس العام لكل الموجودين على أرض البلاد من العاملين، سيتم فرز العمالة غير المؤهلة! وبالتالي يُخَيَّرون بين المغادرة الفورية أو تصحيح الأوضاع! أي لا رخصة إقامة من دون شهادة تدريب في مراكز التدريب الرسمية التي تمنحه رخصة مزاولة وممارسة المهنة والحرفة التي اجتاز فيها الاختبار، ويُمنع المواطنون من جلب أي عامل من الشارع لا يحمل تلك الرخصة، وليس كما هو حاصل حالياً، إذ نرى العمال أمام المحال التجارية وكل واحد ممسكاً بمفك وزرادية، ونأتي به ونسلمه ذقوننا ورؤوسنا، ثم يأخذ مالاً مقابل التخريب وسوء العمل! حتى أصبحوا يتندرون بنا في مجالسهم وعند عودتهم لبلدانهم! ما هكذا تورد الإبل، ماذا ننتظر؟ علينا المبادرة والإسراع بتأهيل الجميع وبالطرق الصحيحة، وبذلك نضمن جودة التنفيذ والإنجاز، مع توفير دخل مالي جيد لصندوق الموارد البشرية نظير إصدار رُخص التأهيل إلى جانب رخصة العمل السائدة حالياً «200 ريال» لقاء إصدار الإقامة، وهذه لها عشرات السنين لم يتنبه أحد إلى وجوب تضمينها اجتياز اختبار تأهيلي، ولا مانع من استمرارها جنباً إلى جنب مع رُخص التأهيل الحقيقية! [email protected]