قرر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، الذي اجتمع أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، «تشديد الإجراءات في وجه أي إخلال بالأمن على كامل الأراضي اللبنانية، ولا سيما في العاصمة بيروت وفي نطاق عمل يونيفيل في جنوب لبنان». وفيما انحسر نسبياً السجال العنيف حول تداعيات اشتباكات برج أبي حيدر بين مسلحين من «حزب الله» وآخرين من «جمعية المشاريع الإسلامية» (الأحباش) قبل 8 أيام، شكل اجتماع مجلس الدفاع للبحث في إجراءات الأجهزة الأمنية مناسبة لاستيعاب هذه التداعيات، خصوصاً أن بيانه لم يتناول موضوع نزع السلاح من العاصمة وأنه اتخذ قرارات يقضي نظامه بإبقائها سرية، تساهم في تنفيس الاحتقان. وبموازاة ذلك تجنب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في خطاب ألقاه عصر أمس لمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لإخفاء الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، التوسع في الإشارة الى اشتباكات برج أبي حيدر، واكتفى بالقول: «إذا حصل حادث فليأخذ الحق مجراه ويأخذ كلٌّ جزاءه»، معلناً «رفضنا محاولة إثارة القلق من الشيعة في لبنان واعتبارهم متمردين على النظام واعتبار سلاحهم تهديداً لبقية الطوائف ومشروع الدولة أو يشكلون تهديداً إقليمياً يستدعي تحجيمه». واكد ان «مشروع الدولة وضرورة الدولة في لبنان هو مصلحة شيعية بل إيمان شيعي»، مشيراً إلى «اننا أنشأنا المقاومة عندما أصبحنا مهددين بالحرمان من أرضنا ومجردين من الدفاع»، ومشددا على ان «المبادرة الوحيدة المطلوبة من اللبنانيين هي السير بالعقد الاجتماعي الذي اسمه اتفاق الطائف». وبينما جدد بري الدعوة الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية مطمئناً بأنها لا تلغي الطوائف، دعا القضاء الى التحقيق بالقرائن والمعطيات التي قدمها الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، معتبراً ان إسرائيل لا يمكن ان تكون فوق الشبهات في استهداف لبنان عبر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. كما دعا الى محاكمة الشهود الزور. وكان مجلس الدفاع الأعلى التأم بعد الظهر برئاسة الرئيس سليمان وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري ونائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع الياس المر ووزراء الداخلية والبلديات زياد بارود والاقتصاد محمد الصفدي والمال ريا الحسن والأمين العام للمجلس اللواء الركن عدنان مرعب. واستدعى المجلس لحضور الاجتماع قائد الجيش العماد جان قهوجي ومسؤولين امنيين. وسبقت الجلسة خلوة بين سليمان والحريري. وأفاد بيان أذاعه الأمين العام للمجلس أنه بحث في «مستلزمات الجيش وقوى الأمن الداخلي وباقي الأجهزة الأمنية من عديد وعتاد في مهماتهم وتشديد الإجراءات بوجه أي إخلال في الأمن على كامل الأراضي اللبنانية لا سيما في العاصمة بيروت وفي نطاق عمل يونيفيل. وبعد التداول، قام المجلس بتوزيع المهمات على الوزارات والأجهزة المعنية وأعطى التوجيهات لتطبيق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. وأبقى المجلس على مقرراته سرية وفقاً لنص القانون». وعلم أن سليمان والحريري ركزا على ضرورة التهدئة بعد السجال الذي دار في البلاد حول اشتباكات برج أبي حيدر والأحياء المحيطة وأن تتولى الأجهزة الأمنية السهر على الأمن والاستقرار. وكان الحريري أعلن ليل أول من أمس ان الدعوة الى معالجة تفشي السلاح ليست موجهة الى طرف بعينه، مؤكداً ان «الجرح الذي أصاب بيروت ليس على جهة واحدة بل هو واقع مؤلم على الجهتين». وأمس أصدرت كتلة «المستقبل» النيابية بياناً بعد اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أكدت فيه أن «المطالبة ببيروت منزوعة السلاح لا تستهدف سلاح المقاومة الذي تتم مناقشته في هيئة الحوار الوطني». لكنها أشارت الى أنه «سبق للعاصمة ان شهدت صنوف التجاوزات والاشتباكات سابقاً تارة باسم القضية القومية وتارة باسم القضية الوطنية». ولفت قول وزير التنمية الإدارية محمد فنيش (حزب الله) أن ما حصل في برج أبي حيدر لم يكن مقبولاً من «حزب الله» و «جمعية المشاريع»، وسأل: «ما معنى ان يصبح هذا الخطأ مادة سجال وتوظيفاً سياسياً وهل بيروت ليست مستهدفة من العدو الإسرائيلي؟». على صعيد آخر، كشف وزير الزراعة حسين الحاج حسن في حديث الى قناة «المنار» حصول تطورات وإجراءات في ملف شهود الزور» قبل جلسة مجلس الوزراء اليوم. وأوضح ان «إثارة هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء ليس موضوعاً عابراً وليس لتسجيل موقف وإنما هو متابعة جدية من اجل محاكمة شهود الزور ومن دعمهم ويدعمهم ومن فبركهم». وأكد «حصول إجراءات بالفعل»، مشيراً إلى ان «الكشف عنها متعلق بالتوقيت. وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب. ونحن مستمرون في المتابعة، لكن ينبغي ان تتضح بعض الأمور لنكمل في هذا الموضوع». وأوضح ان «الوقت ليس مفتوحاً لهذا الملف ولكن ليست هناك مهلة محددة في شكل نهائي».