في وقت أنهى العقيد معمر القذافي أمس زيارة مثيرة للجدل لإيطاليا دعا خلالها إلى «أسلمة أوروبا»، أعلنت مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية التي يرأسها نجله سيف الإسلام الإفراج عن 37 عنصراً ينتمون إلى «جماعات جهادية» مختلفة. وقالت المؤسسة في بيان أُرسل أمس إلى «الحياة» في لندن إن عملية الإفراج عن السجناء تأتي «تأسيساً على إستراتيجية الحوار» التي اعتمدها سيف الإسلام القذافي «لمواجهة العنف والتطرف» وإيماناً منها ب «استحالة بناء التنمية وتحقيق الازدهار في غياب السلم الأهلي». وأعلنت المؤسسة أيضاً أن «الحوار الذي أشرفت على رعايته مع الجماعة الليبية المقاتلة والجماعات الجهادية الأخرى قد حقق نجاحاً آخر يؤكد جدوى المحاججة والحوار مع تلك الجماعات؛ من خلال الإفراج عن 37 عنصراً ينتمون إلى جماعات جهادية مختلفة كالجماعة الليبية المقاتلة ويرتبطون بصلات مع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين و تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، بالإضافة إلى أحد سائقي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأحد معتقلي غوانتانامو الذي تم تسليمه إلى ليبيا في وقت سابق». وتابعت المؤسسة أن هؤلاء - الذين من المقرر أن يكونوا خرجوا من السجن خلال نهار أمس - «تخلوا عن الأفكار المتطرفة ونبذوا مقاربة العنف وأيقنوا بما أسفر عنه الحوار الذي قاده السيد سيف الإسلام القذافي وما قاد إليه من مراجعات تصحيحية». وزادت أنهم «يغادرون السجن وهم أكثر وثوقاً بأهمية المصالحة وتأمين السلم الاجتماعي». وأفرج أمس عن ثلاثة من قادة «المقاتلة» من أصل ستة شاركوا في إعداد «الدراسات التصحيحية» التي أصدرتها الجماعة في رمضان العام الماضي وتخلّت فيها عن اعتماد العنف وسيلة لتغيير الأنظمة ودانت كثيراً من الممارسات التي تُنسب إلى جماعة مسلحة باسم «الجهاد». وكانت السلطات الليبية أفرجت عن القادة الثلاثة الآخرين ممن شاركوا في إعداد المراجعات «التصحيحية» في وقت سابق هذا العام. وجاءت خطوة إطلاق المساجين الإسلاميين في ليبيا في وقت أنهى العقيد القذافي زيارة لإيطاليا (أ ب، رويترز) طغى عليها الجدل في شأن دعوته إلى «أسلمة أوروبا» ومطالبته بالحصول على أموال من الإتحاد الأوروبي (خمسة بلايين يورو سنوياً) لقاء التصدي للهجرة غير الشرعية. وحاضر القذافي مرتين خلال زيارته التي دامت يومين أمام نساء إيطاليات جمعتهن وكالة لعرض الأزياء لقاء بدل مالي، ودعاهن إلى اعتناق الإسلام، ما أثار احتجاجات من سياسيين إيطاليين. وكان رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أشاد بعلاقات ايطاليا مع ليبيا في حفلة مساء الاثنين حضرها بعض من أكبر الأسماء في قطاع الأعمال الإيطالي منهم كثيرون يأملون في الظفر بعقود مربحة في الدولة الغنية بالطاقة الواقعة على الطرف الآخر من البحر المتوسط. وقبل ذلك اجتمع القذافي وبرلسكوني لإجراء محادثات في الخيمة التي ينام فيها الزعيم الليبي اثناء زياراته في الخارج وبحثا مشروعات التعاون الصناعي والامكانات القائمة للشركات الايطالية في ليبيا. وازدهرت العلاقات بين إيطاليا وليبيا منذ اتفاق وقّع في عام 2008 وافق فيه برلسكوني على سداد خمسة بلايين دولار تعويضات عن حكم ايطاليا الاستعماري لليبيا في اوائل القرن العشرين. ويتحدث كبار رجال الأعمال في ايطاليا بوجه عام بنبرة تأييد لسجل ليبيا كمستثمر لكن علاقة برلسكوني الوثيقة مع القذافي أذكت ايضاً اتهامات بأن المصالح الاقتصادية طغت على كل المخاوف الأخرى. وجال العقيد القذافي (روما، الحياة) مساء الإثنين وسط مدينة روما وزار موقعين سياحيين مُكتظين هما كامبو دي فيوري وساحة نافونا. وتلت جولته السياحية الزيارة الرسمية التي تخللها افتتاح الأكاديمية الليبية في روما وحضور احتفال في ثكنة عسكرية تضمن فقرات استعراضية لخيول أُحضرت إلى إيطاليا خصّيصاً لتقديم هذا العرض. وتناول القذافي العشاء في منتصف الليل تقريباً مع أكثر من 800 مدعو. انتقاد فاتيكاني ونقلت وكالة «آجي» الإيطالية للصحافة عن الأمين العام لمجمع تبشير الشعوب المطران روبيرت ساراه قوله إن تصريحات الزعيم الليبي حول أسلمة أوروبا «استفزاز غير جاد ولا مسوغ له». واعتبر المطران ساراه، وهو الرجل الثاني في المجمع الفاتيكاني لتبشير الشعوب، أن كلمات القذافي تكتسب خطورة إضافية كونها أُطلِقت من روما ما يشكل برأيه «انتقاصاً من احترام قداسة البابا وإيطاليا». وشدّد الأسقف الافريقي الأصل على أن «الأشخاص هم الذين يقررون بمفردهم وتبعاً لضميرهم الحي اعتناق المسيحية أو الإسلام أو أي ديانة أخرى». وأضاف: «الخطر الحقيقي الذي يهدد أوروبا هو النسبوية وقلة الاهتمام بأمور الإيمان وتراجع قوة الدين واللامبالاة تجاه كل ما هو مقدس، فكل هذه الأمور مجتمعة تشكل أرضية خصبة لاحتمالات التغلغل الإسلامي في كل أرجاء القارة الأوروبية».