تركي آل الشيخ يتصدر أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم الملاكمة لعام 2024    هيئة المسرح والفنون الأدائية تطرح رخصها على منصة «أبدع»    وزير الطاقة يزور عدة مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة في المدينة الصناعة بالرياض    الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن يفند عدداً من الادعاءات    أذربيجان تعلق رحلاتها إلى الشيشان لحين انتهاء التحقيق في سقوط إحدى طائراتها    "السويلم" يدعم مستشفى البكيرية العام لتأمين عددًا من الأجهزة الطبية    تنفيذ حكم القتل قصاصاً بإحدى الجانيات في منطقة الرياض    حرس الحدود بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير مكة يرأس اجتماعاً لبحث تطورات تنفيذ المشاريع المائية في المنطقة    صحيفة الرأي الالكترونية توقّع شراكة مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    وزير التعليم يُدشِّن أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية للموهوبين    شيبه: مسؤولية التعليم توجيه الأفكار للعقيدة السليمة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    وزير الموارد البشرية يشارك في تعزيز العمل العربي المشترك خلال اجتماعات التنمية الاجتماعية في البحرين    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    المسعودي رئيسا للاتحاد السعودي للشطرنج حتى 2028    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    وزير الداخلية يعزز التعاوزن الأمني مع نائب رئيس وزراء قطر    لمطالبتها ب 300 مليار دولار.. سورية تعتزم رفع دعوى ضد إيران    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    سيكلوجية السماح    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلفيات الحديث عن المسار التفاوضي السوري - الإسرائيلي
نشر في الحياة يوم 01 - 09 - 2010

عاد الحديث في الأروقة الديبلوماسية والإعلامية عن المسار التفاوضي بين سورية وإسرائيل. وتراوح ذلك ما بين الرغبة في إحداث «اختراق» في هذا المسار والوصول الى «اتفاق سلام» بين الجانبين أو الاكتفاء بالعمل على «تحريك» العملية التفاوضية.
كانت آخر خطوة في هذا السياق، إعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال المؤتمر السنوي لسفرائه في العالم في باريس الاسبوع الماضي أن «السلام بين إسرائيل وسورية ممكن التحقق. وفرنسا التي تنخرط إلى جانب تركيا في البحث عن اتفاق إسرائيلي - سوري، عهدت إلى السفير جان كلود كوسران، الذي أوليه ثقتي كلها بمهمة في هذا الاتجاه».
وكان ساركوزي عين كوسران «مبعوثاً رئاسياً» للمساهمة في تحريك المفاوضات السورية - الإسرائيلية و «خلق الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات» المجمدة منذ عدوان إسرائيل على غزة في نهاية 2008. وأخذ هذا القرار الكثير من الوقت داخل المؤسسات الفرنسية على خلفية تباين الآراء بين وزير الخارجية برنارد كوشنر والامين العام للرئاسة جان كلود غيان.
واعتبر خبراء في الشؤون الفرنسية ان تعيين كوسران كان بمثابة «رد الاعتبار» له بعد تهميش الرئاسة الفرنسية له في السنتين الماضيتين.
وليست المرة الاولى التي يظهر فيها ساركوزي اهتماماً بهذا المسار، فهو أبدى في غير مناسبة الاستعداد للمساهمة في المفاوضات بين سورية وإسرائيل كان بينها خلال زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي. وقال الاسد وقتذاك: «هناك طرف سوري يرغب بالسلام، وهناك وسيط تركي مستعد للقيام بدوره كوسيط بين الطرفين، وهناك دعم فرنسي وأوروبي ودولي لهذه العملية. لكن ما ينقصنا اليوم هو شريك إسرائيلي يكون مستعداً للقيام بعملية السلام أو إنجاز السلام».
وزاد: «إذا كان الإسرائيليون جادين في عملية السلام، فهناك وسيط تركي الآن يعلن في كل مناسبة استعداده للقيام بدوره من أجل جلب الاطراف الى طاولة المفاوضات»، مضيفاً: «إذا كانوا (الإسرائيليون) يريدون ان يثبتوا صدق كلامهم فعليهم ان يذهبوا للوسيط التركي فهو موجود ومستعد».
وكانت باريس بحثت خلال المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل في النصف الثاني من عام 2008 عن دور في المفاوضات، وأبدت اهتماماً بتزويد مساعدات فنية تتعلق بالخرائط الحدودية والمساهمة في الترتيبات الأمنية لدى التوصل الى انجاز اتفاق السلام. كما عرضت استضافة بعد الجولات غير المباشرة.
لكن بتعيينه «مبعوثاً رئاسياً»، يكون ساركوزي رفع من مستوى الاهتمام السياسي ليصل الى البحث عن «مأسسة» للدور الفرنسي في الملف التفاوضي. وعلى رغم إبداء إسبانيا والبرازيل في الاشهر الاخيرة اهتماماً بهذه المفاوضات، فهما لم تقدما على خطوة كهذه بتعيين مبعوث خاص للمسار السوري. فكان العرف ان تركيا هي «الوسيط» في المفاوضات غير المباشرة الى حين انتقالها الى المرحلة المباشرة برعاية اميركية. وكان ذلك ضمن مهمات المبعوث الاميركي لعملية السلام السناتور جورج ميتشل ومساعده للمسار السوري فريدريك هوف اللذين زارا المنطقة مرات عدة وقوبلا ب «تهرب» إسرائيلي من استحقاق السلام.
وتزامن القرار الفرنسي الاخير مع سلسلة من المقالات والدراسات التي تتحدث عن هذا المسار. لعل ابرزها تقرير «مجموعة الازمات الدولية» الذي دعا الى «تكثيف الجهود» لاستئناف المفاوضات السورية - الإسرائيلية لتجنب توسيع دائرة المواجهة في اي تصعيد محتمل في جنوب لبنان، ذلك في ضوء نتائج التوتر الاخير الذي حصل في الشهر الماضي. واستندت صحف اميركية وإسرائيلية الى هذا التقرير والى عوامل أخرى لتدعو الى إحياء الجهود التفاوضية. ويعتقد ان هذا التركيز الديبلوماسي والإعلامي على المسار السوري يعود لثلاثة أسباب:
أولاً، هناك اعتقاد فرنسي ان الجانب التركي لم يعد قادراً على لعب دور الوسيط بين إسرائيل وسورية، ذلك ان العلاقة بين انقرة وتل ابيب وصلت الى طريق يصعب التراجع عنه بعد عدوان إسرائيل على «اسطول الحرية» ومحاولتها «اهانة» السفير التركي وإلغاء تركيا مناورات مشتركة مع إسرائيل. والاعتقاد ان السبب الضمني لكل ذلك هو «معاقبة» حكومة نتانياهو لأنقرة وحكومة «حزب العدالة والتنمية» برئاسة رجب طيب أردوغان على مواقفها في الشرق الأوسط وعملية السلام، إضافة الى فتحها حواراً سياسياً مع «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) ولعبها «دوراً نزيهاً وموضوعياً» في المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل. المؤشر الاضافي الى ذلك، ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو زار اليونان الشهر الماضي بحثاً عن «بديل استراتيجي» في المنطقة للدور التركي. في ظروف كهذه، يعتقد اكثر من طرف، بينها الفرنسي، ان الظروف مواتية لطرح نفسه كبديل للتركي.
ثانياً، عودة متجددة للحديث عن التسوية الشاملة بعد استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وانتقالها من «التقارب» الى «المفاوضات المباشرة». على الصعيد النظري، لا يزال الرئيس الاميركي باراك اوباما يتحدث عن «السلام الشامل» في الشرق الاوسط على جميع المسارات التفاوضية «بما فيها» السوري. لكن الديبلوماسية مركزة عملياً على الملف الفلسطيني وعلى الضغط على المفاوض الفلسطيني لاعتبارات تتعلق بقرب الانتخابات النصفية في الكونغرس الاميركي نهاية العام وعدم القدرة على مواجهة جماعات الضغط اليهودية في اميركا.
في هذا السياق، يطرح البعض، بنيات حسنة أو تبريرية، المسار السوري، إما ضمن «شمولية الحل» أو ك «بديل» للفلسطيني أو ك «مخرج» لمأزق التسوية.
ثالثاً، اعتقاد أوساط ديبلوماسية ان اطلاق «عملية» تفاوضية من شأنه ان يخفف من التوتر في المنطقة من دون ان يعني بالضرورة الوصول الى «نتائج ملموسة» على اساس الاعتقاد بضرورة «ملء الفراغ بالديبلوماسية بدلاً من المواجهة»، إذ ان انطلاق عملية السلام والانشغال بالمفاوضات من شأنهما ان يخففا الاحتقان في اضعف الايمان في ضوء تعقيدات ملفات الشرق الاوسط في العراق ولبنان وايران.
إذاً، الامر بالنسبة الى باريس يتلخص في البحث عن دور في المنطقة من بوابة المسار السوري على أساس الاعتقاد بصعوبات تواجه الدور التركي ك «وسيط»، وان كان يطرح نفسه حالياً «شريكاً» لدور أنقرة. وبالنسبة الى اسبانيا، فإن الاهتمام باستقرار المنطقة أساسي، يضاف اليه عامل جديد يتعلق برغبة مدريد في نجاح استضافة مؤتمر «عملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط” في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وهي تعرف ان هذا غير ممكن من دون تحريك عملية السلام وايجاد دينامية فيها. وبالنسبة الى البرازيل، فهي تبحث عن دور في المنطقة ضمن سياق تصاعد دورها على الساحة العالمية، هذا ما فسر جولة وزير خارجيتها سيلسيو اموريم في المنطقة الشهر الماضي ونجاحها مع التركي في إبرام اتفاق مع إيران ازاء الملف النووي السلمي.
أما واشنطن، فإن بعض المسؤولين في إدارتها يريد “تحييد” العامل السوري خلال انشغاله بالمسار الفلسطيني في مشهد معقد دولي له علاقة بالأزمة الاقتصادية والانسحاب من العراق والمواجهة في افغانستان، فيما تستمر حكومة نتانياهو القائمة على توازن هش من الاحزاب اليمينية، بفرض الوقائع على الارض والاستمرار بإجراءات الاستيطان مع توفير “غطاء تفاوضي” يوحي بأن عملية سياسية ما قائمة. يضاف الى ذلك محاولة “الهروب” من استحقاقات تحققت في المفاوضات غير المباشرة مع سورية وصلت الى “تحديد” خط الرابع من حزيران (يونيو) للعام 1967 بعد موافقتها على الانسحاب الكامل من الجولان.
ولا تستبعد عن هذا السياق، حماسة نتانياهو للدور الفرنسي والأدوار الأخرى ورفضه الوسيط التركي.
بالنسبة الى سورية، تبدو المعادلة واضحة بقدر ما هي متداخلة: موضوع الجولان اولوية وحق غير خاضع للتفاوض وتوفير المخارج لنتانياهو وحكومة ليس وارداً. إذ ان وزير الخارجية وليد المعلم قال قبل ايام ان بلاده «لن تذهب إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل إلا من طريق الوسيط التركي» بعدما جدد التأكيد على «نزاهة الوساطة التركية خلال أربع جولات من المفاوضات غير المباشرة وإدراكها حقيقة أن سورية لن تقبل بأي حال من الأحوال السلام ما لم تحصل على التزام إسرائيلي بالانسحاب التام من الجولان إلى خط الرابع من حزيران»، وجدد أن سورية «لا ترى بديلاً عن الدور التركي، وعلى إسرائيل أن تفهم ذلك».
بالتالي، من يريد تحريك المفاوضات يتوقع ان «يدعم» الوسيط التركي في المفاوضات وتوفير ظروف استئتاف المفاوضات غير المباشرة من حيث توقفت والبناء على ما تحقق وليس البدء من نقطة الصفر. وباريس التي أعلنت انها تدرك وجود «لاعبين وأطراف آخرين» في عملية التفاوض تستطيع لعب دور في هذا المجال، كما هي الحال مع إسبانيا والبرازيل. وكان بيان رئاسي أفاد بعد لقاء الاسد وزير خارجية البرازيل ان سورية التي تدرك ان سياسات حكومة إسرائيل تدل على «أنها لا ترغب في تحقيق السلام» لن تتوقف عن «استمرار الجهود لتثبيت أسس عملية السلام تحضيراً للبناء عليها عندما تتغير الظروف ويتوافر الشريك لتحقيق ذلك».
* صحافي سوري من أسرة «الحياة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.