مع أن برامج الفتاوى الدينية والمواقع الإلكترونية، تضج بالكثير من الفتاوى الموسمية، إلا أن التساؤلات التي تهطل كل عام عبر تلك النوافذ، تكشف أن «الجنس» لم يزل يمثل معضلة الصيام الكبرى، فيحاول الكثيرون التحايل على حظره بحجج شتى، أقلها ادعاء الجهل أحياناً. في موقع «الإسلام اليوم» مثلاً، الذي يشرف عليه الداعية الشيخ سلمان العودة، يجد متصفحه غرائب في هذا الميدان، خصوصاً وأن المعلوم بالضرورة، أن الصيام إنما هو عن الأكل والشرب والجماع. غير أن ذلك، فيما يبدو لم يستسلم له أناس احتاجوا للبحث عن مخرج لظروفهم الخاصة. أحدهم سأل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ قيس آل مبارك عما إذا كان «اختبار البروستاتا -والذي فيه تدليك البروستاتا لإنزال سائل منوي بغرض التحليل- حرام في نهار رمضان»؟ فأجابه الشيخ قائلاً: «اعلم أيها الأخ السائل أن الصوم هو الكف عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر لغروب الشمس، فمَن خرج مِنه مَنيٌّ بِلَذَّةٍ مُعتادة فقد بطل صومه. وبشأن سؤالك عن إخراج المني بالتدليك-كما يعمله الأطباء- فقد سألت طبيباً مختصاً وهو الدكتور إبراهيم العريفي، استشاري جراحة المسالك البولية وزراعة الكلى حفظه الله، فأفادني بأن هذا التدليك للبروستاتا لا تقع منه إثارة، فقد يجد منه المريض ألماً وربما يجد شيئاً من الراحة، أما اللذَّة المعتادة فلا تحصلُ بسببه. وعليه فإن السائل المنوي إذا خرج من المريض أثناء التدليك وكان خروجه بلا لذَّة -والمريض أدْرَى بوجود اللذَّة- فصيامه صحيح إن شاء الله تعالى، وأما إذا وجدت اللذة المُعتادة التي يخرج بسببها المني دَفَقاً، وخرج المني بسبب ذلك، فقد بطل صيامه». وإذا كانت هذه الحالة وجدت مخرجاً، فإن حادثة أخرى صعب على عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام الشيخ عبد الرحمن العثمان، أن يعذر صاحبها، عندما سأله قائلاً: «أنا مقيم في المملكة، وتزوجت منذ ثلاثة أشهر في بلدي، ثم رجعت إلى المملكة، وبدأت في عمل الإجراءات لدخول زوجتي، وبعد أن أكملت المعاملة ذهبت لإحضارها في نهاية رمضان، ووصلت من السفر متأخراً تقريبًا عند الساعة الثالثة فجراً، ولحبي لزوجتي واشتياقي لها طيلة هذه المدة لم أستطع أن أتمالك نفسي وجامعتها بعد صلاة الفجر. فأرشدوني ماذا أفعل»؟ فيجيب العثمان، بأن الكفارة عليه لا محالة. وقال: «الرجل إذا وصل إلى بلدٍ له فيها أهل فإنه ينقطع عنه حكم السفر، فيلزمه ما يلزم المقيم، والسائل من بلد له فيها أهل، وذهب إلى السعودية للعمل، فهو في أثناء إقامته بالسعودية يأخذ أحكام المقيم؛ لأنه يقيم بها إقامة تقطع حكم السفر، وإذا وصل إلى بلده فكذلك؛ لأنها بلده وله فيها أهل فهو غير مسافر، وله الأخذ بأحكام السفر في المدة التي يقضيها في سفره بين البلدين. إذا كان الأمر كذلك فالسائل قد جامع زوجته في نهار رمضان في بلده فعليه: 1- أن يقضي يوماً بدل اليوم الذي أفسده بالجماع؛ لما أخرجه ابن ماجة بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي جامع في نهار رمضان: وصم يوماً مكانه. 2- الكفارة؛ وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً؛ لما أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- رجل فقال هلكت، قال ولم؟ قال وقعت على أهلي في رمضان، قال فأعتق رقبة، قال ليس عندي، قال فصم شهرين متتابعين، قال لا أستطيع، قال فأطعم ستين مسكيناً». أما عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية، فإنه واجه مشكلة أخرى، عندما صارحه شاب بالقول: «أنا شاب مَنَّ الله علي بالتوبة إن شاء الله، حيث كنت في سن المراهقة لا أستطيع مسك نفسي عن العادة السرية في بعض أيام رمضان. ماذا أفعل وهل أقضي هذه الأيام مع أنني لا أعلم عددها». هذا العمل الذي قمت به مخالف للشرع بل هو محرم باتفاق أهل العلم؛ لأن الله – عز وجل – حصر قضاء الشهوة في الزوجة والمملوكة، وذكر أن من طلب قضاء الوطر في غير هذين فقد بغى وطغى، وبما أن الله قد منَّ عليك بالتوبة فاسأل الله لي ولك الثبات حتى الممات.