لا يكتفي عشاق إعداد الطعام من تزويقه وتلوينه وتجميله وإضافة التحسينات عليه، كي يقدم في صورته النهائية على المائدة أمام الضيف أو الزبون، بل يطلقون عليه تسمياتٍ مبتدعة، وألقاباً مخترعة تزخر بها كتبهم وقوائمهم، فمن أشهرها في شهر رمضان لقمة القاضي، وأم علي، والهريس، والجريش، والسامبوسة التي لو فصلت بين أحرفها سام بوسة لتحولت إلى اسم صاروخٍ روسي يحمل الموت الأحمر بين جنباته. وفي غير رمضان المكبوس، المضغوط والكاتم! إلخ... ولم يكتفوا بهذا بل أطلقوا على نوع الدعوة الموجهة إلى الضيف أسماء خاصة بها، فطعام الوليمة وهو طعام الزواج، وطعام العقيقة وهو طعام المولود، والمأدبة هي طعام الدعوة، والتحفة طعام الزائر... ثم تطور الحال بهم إلى دعوة أعضاء محايدين للحكم على نوع الطعام وجودته، والمفاضلة بينه وبين غيره، فيحكى أن الرشيد وأم جعفر اختلفا فى(اللوزينج والفالوذج) -نوعان من الحلوى- أيهما أطيب؟ فمالت زبيدة إلى تفضيل الفالوذج على اللوزنج، ومال الرشيد إلى تفضيل اللوزنج، وتخاطرا على مئة دينار، فأحضر أبا يوسف القاضى وقالا له: يا يعقوب قد اختلفنا فى كذا وكذا فاحكم فيه! فقال القاضي: يا أمير المؤمنين ما يحكم على غائب وهو مذهب أبو حنيفة! فأمرا بإحضار جامين من المذكورين فأحضرا، فطفق يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة، وتحقق أنه إن حكم للرشيد لم يأمن غضب زبيدة، وإن حكم لزبيدة لم يأمن غضب الرشيد، فلم يزل فى الأكل الى أن نصف الجامين. فقال له الرشيد: إيه أبا يوسف ما قولك؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت خصمين أجدل منهما، كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجتة، وقد حرتٌ بينهما، فضحك الرشيد وأمر له بصلةٍ! يعشق بعضنا تناول البيض مع الإفطار، وإذا أضيف إليه شيء من الطماطم والبصل يتحول مسمى البيض إلى شكشوكة، في إحدى المناطق الشمالية لدولة المغرب يطلق على هذه الأكلة اسم خربوطة! ولا يحتاج المسمى في الغالب إلى استدعاء قاضٍ أو رئيس دائرة ليفصل في الاسم والمسمى، فالمسألة ذوقية بالدرجة الأولى في حب الطعام أو الولع بتسميته!