استجاب قرابة 500 مدعو من بينهم 50 سفيراً و110ديبلوماسيين يمثلون 82 دولة، وحشدٌ من العلماء والدعاة ورجال الأعمال والإعلاميين لدعوة الندوة العالمية للشباب الإسلامي لحفلة الإفطار السنوية الثامنة التي تنظمها للديبلوماسيين والداعمين لأنشطتها وبرامجها، مساء أول أمس (الأحد) في فندق الإنتركونتيننتال بالرياض، وحظيت الحفلة بإشادات كبيرة لمبادرة خادم الحرمين لحوار الحضارات، وحرصه على تعزيز ثقافة التسامح والحوار. تخللت الحفلة كلمة للسفير الماليزي في المملكة سيد عمر السقاف وكلمة سفير جمهورية النمسا الدكتور جوهانيس ويمير وكلمة للأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي وكلمة رجال الأعمال والداعمين لبرامج الندوة وأنشطتها ألقاها المهندس يوسف بن مصطفى اليوسف، كما تم عرض فيلم وثائقي عن برامج وأنشطة الندوة. وأكد الدكتور صالح الوهيبي أهمية القيم المشتركة التي تجمع بين الشعوب من محبي الخير والسلام واحترام الحياة والاهتمام بشؤون الناس كافة، خصوصاً الفقراء والمعوزين، مشدداً على مسؤوليات الجميع في التعاون لأجل المحافظة على هذا الكوكب الصغير الجميل الذي نحيا عليه ليبقى صالحاً لمن يأتي من بعدنا من أجيال هم أبناؤنا وفلذات أكبادنا. وقال: «نحن في الجمعيات الإنسانية يهمنا في المقام الأول ما يعانيه الناس نتيجة لهذه الكوارث، ففي حالات النزوح الجماعي وتشرد ملايين البشر كما هي الحال في الباكستان تشتد الحاجة إلى جهود الإغاثة والمساعدات العاجلة في مقدمها توفير المأوى والطعام والدواء. وأنتهز هذه المناسبة لأشيد بالوقفة الإنسانية المشرفة لخادم الحرمين الشريفين وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية على ما بذلوه من جهود وما قدموه من مساعدات هي محل تقديرنا جميعاً»، موضحاً أن التعاون والعمل المشترك ضرورة لنجاح أي جهد إغاثي أو إنساني في مواجهة تلك الأحداث. وتحدث السفير الماليزي عن التجربة الماليزية في الحوار بين الثقافات، وقال: «إن الحوار بين الثقافات معناه التبادل المفتوح والاحترام والتفاعل بين الأفراد والجماعات والمنظمات مختلفة الثقافة، وتبادل وجهات النظر المتباينة. ومن بين الأهداف التي يرمي إليها هذا الحوار: تطوير التفاهم بصورة عميقة لمختلف وجهات النظر والممارسات، ورفع مستوى المشاركة فيها، واحترام حق الأشخاص وقدرتهم على اتخاذ القرارات، من أجل تعزيز المساواة بين الناس، وتعزيز الإسهامات الإبداعية». وأوضح أن ظاهرة الخوف من الإسلام المتزايدة وظاهرة تشويه صورة الأديان تشكلان انتقاصاً من حق الإنسان في اختيار عقيدته، وأشار إلى أن عالمنا لا يزال يعاني بشدة من الصراعات بين الدول والشعوب، وعلى رغم التقدم الذي تم إحرازه في المجالات الحضارية والتفاهم والتشاور، إلا أن الثقافات والأديان والأعراق تتعرض لممارسات سلبية من البعض من أجل تحويل هذه الاختلافات إلى خلافات بين الشعوب بدلاً من الاستفادة من المظهر الإيجابي للتنوع في صناعة التكامل بينها. وشدّد على أن الاختلافات الثقافية تتأثر بالوضع السياسي العالمي، وإننا بحاجة إلى التصدي لهذه الأسباب السياسية الجذرية، وبحاجة إلى معرفة الأسباب المؤدية إلى هذه الخلافات وسبل تلافيها، إننا نعتقد أن بناء ثقافة الحوار يجب أن يقوم على أساس من القناعة بأن الناس أحرار، ولفت إلى أن ماليزيا مقتنعة بأن نشر ثقافة السلام مهمة تقوم على أساس التفاهم المتبادل والاحترام والتسامح بين الأديان والثقافات والشعوب. مضيفاً: «إن عدم قبول بعض المجتمعات للثقافات الأخرى، ومحاولة البعض فرض ثقافته على الآخر، سبب في إيجاد أجواء من التنافر وانعدام الثقة بين الشعوب». واعتبر السفير النمساوي جوهانيس ويمير في كلمته أن هذه الحفلة تمثل في حد ذاتها مثالاً للحوار بين الثقافات، وأشار إلى أن هذه المناسبة تذكرنا بأهمية الصوم والإفطار والتفكير الداخلي وعمل الخير في تقاليدنا الخاصة وتذكرنا كذلك بأهمية إرساء أُسس مشتركة في هذا الصدد، كما تحفزنا على نبذ الخلافات والإسهام الفاعل في ممارسة وتعزيز التفاهم المتبادل. ولفت إلى أن الغالبية الساحقة من النمساويين الذين أجريت المقابلات معهم، رفضوا المواقف المعادية للأجانب، واستشهد بدراسة أظهرت أن نحو 5 في المئة فقط من الذين شملهم الاستطلاع لديهم موقف سلبي تجاه المهاجرين. وفي الوقت نفسه، أبدت الغالبية العظمى من المهاجرين في النمسا ارتياحهم تماماً لأسلوب الحياة النمساوية، في حين أن مخالفي ذلك لا تتعدى نسبتهم 4.4 في المئة ومن هذا يبدو لي الأمر واضحاً تماماً أن 4 - 5 في المئة فقط من النمساويين والمهاجرين يشعرون بالتوتر نتيجة التعايش مع أشخاص ينتمون إلى ثقافات مختلفة. وفي المقابل فإن ما نسبته 95 في المئة منهم يقبلون الأمور كما هي. وتذكر الدراسة أيضاً أن ظاهرة رفض المواقف المعادية للأجانب صارت أقوى خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. ونظراً لأن الأجانب يشكلون ما يقرب من 11 في المئة من سكان النمسا لذا أستطيع القول إن غالبية الناس يفضلون التعامل المباشر مع بعضهم بعضاً ويحبذون عدم التدخل في شؤون الآخرين. وقال: «لا أعتقد أن النمساويين والأجانب في النمسا يختلفون كثيراً عن المواطنين والمهاجرين الأجانب في بلدان أخرى. وأعتقد أن معظمنا يرغب حقاً في التعامل البنّاء والتعايش السلمي مع الآخرين سواء في النمسا أو في المملكة العربية السعودية أو في أي مكان آخر». وأضاف: «إننا قد نحتاج إلى بعض الوقت حتى ندرك تماماً أن كل الناس مع اختلاف ثقافاتهم هم في الحقيقة مجتمع واحد، بغض النظر عن مصدر جذورنا. وكذلك فإننا نحتاج إلى وقت طويل حتى يتم ترسيخ مفهوم التسامح مع الجيران من أجل ممارسة الحوار الفاعل معهم. وأشار إلى أنه من بين المبادرات الحالية في النمسا ما تقوم به الحكومة حيال تشجيع الحوار على الصعيد الدولي أود أن أشير إلى (المنتدى الأول لزعماء الشباب العربي الأوروبي ) الذي سيعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في فيينا.