اسطنبول - أ ف ب - يفتح بيرا بالاس في اسطنبول أبوابه مجدداً بعد خمس سنوات من أعمال الترميم في الفندق الذي اشتهر بالفخامة والألغاز المحيطة به، بعدما استقبل ملوكاً وكتّاباً وجواسيس. فقد نزل في هذا الفندق منذ تأسيسه قبل 118 سنة، ملكا بريطانيا إدوارد الخامس واليزابيث الثانية، وامبراطور النمسا فرنسوا جوزيف، والكاتب الفرنسي بيار لوتي، والمخرج الفرد هيتشكوك، والممثلة السويدية غريتا غاربو وآخرون. وبين جدران هذا الفندق كتبت أغاثا كريستي أشهر رواياتها البوليسية «جريمة في قطار الشرق السريع» في عام 1934. وهنا أيضاً كان الصحافي والكاتب الاميركي ارنست همنغواي يحب ان يتناول الشراب متأملاً انعكاس أشعة الشمس على الموج. كما استضاف الفندق نزلاء من نوع آخر، ففي آخر الحرب العالمية الثانية، حل فيه كيم فيلبي، العميل المزدوج للبريطانيين والسوفيات. وسبق ذلك بقليل وجود اليزا بازنا من الاستخبارات الألمانية النازية، على ما يذكر المؤرخ جاك ديليون في كتاب «نكهة اسطنبول القديمة». ويشرح الكاتب ان الجاسوسة الألمانية الشهيرة ماتا هاري يرجح ان تكون نزلت في الفندق أيضاً في عام 1897 بعدما وصلت الى اسطنبول على متن قطار الشرق السريع. وهناك ارتباط وثيق بين هذا الفندق وقطار الشرق السريع الشهير الذي كان يصل باريس باسطنبول ابتداء من عام 1883. كان القطار يحمل على متنه مسافرين جذبتهم في شكل متزايد القبضة الغربية المتزايدة على الاقتصاد العثماني، إضافة الى فنانين ومغامرين. وكان لا بد أن يضع هذا القطار رحاله في نهاية المطاف في مكان يليق بالتوقعات المعقودة في أذهان هؤلاء المسافرين، فكان هذا المكان فندق بيرا بالاس الذي وضع الحجر الأساس لبنائه في عام 1892 وافتتح بعد ذلك بثلاث سنوات. وشكل الفندق آنذاك المنشأة الأكثر فخامة وأناقة في المدينة، فكان المبنى الأول، بعد قصور السلاطين، الذي يصله التيار الكهربائي. كما كان الفندق الوحيد الذي يزود زبائنه بالماء من خلال الصنبور. ولم يكن لمصعده الكهربائي مثيل في تركيا. وبعد 111 سنة على الافتتاح الأول، كان لا بد من إعادة ترميمه وتجديده، لذلك اقفل ابوابه في عام 2006 وانطلق العمل فيه، في نيسان (ابريل) 2008. وتقول مديرة الفندق بينار كارتال تيمر: «انها اعمال التجديد الاكبر في تاريخ الفندق، جرى تغيير كل ما يمكن ان يخطر في البال، كل انبوب وكل وصلة كهربائية». وعلى الطابق الارضي، المصنف معلماً تاريخياً، كل القطع الأصلية ما زالت محفوظة، بعدما اعتنت بها مجموعة من المتخصصين الجامعيين. ويستعد الفندق لاستعادة دوره الرائد في الحياة الثقافية في اسطنبول، وهو كان رائد الحياة الثقافية والاجتماعية فيها في العشرينات من القرن الماضي. وشاءت الصدف ان يلتقي الفندق غداً مع صديقه القديم، قطار الشرق السريع، الذي لم يعد ينطلق من باريس الى اسطنبول سوى مرة واحدة في السنة، وينتظر وصوله غداً الى البوسفور.